عصر يوم الاثنين الماضي «18 ديسمبر» أعلنت الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر نتيجة الانتخابات الرئاسية بفوز الرئيس عبدالفتاح السيسي بولاية رئاسية جديدة مدتها 6 سنوات تنتهي عام 2030. فوز السيسي لم يكن مفاجأة لأحد، والجميع كان واثقاً من ذلك، لكن ربما المفاجأة كانت في جوانب أخرى.
السيسي فاز بـ 39702451 صوتاً بنسبة 89.6 ٪ من إجمالي الأصوات الصحيحة. ومرة أخرى فإن فوز السيسي كان متوقعاً جداً، لكن أهم رقم في هذه الانتخابات مرة أخرى هو نسبة المشاركة غير المسبوقة على الإطلاق.
عدد الذين أدلوا بأصواتهم 44777668 صوتاً من إجمالي 67320437 صوتاً هم إجمالي المقيدين في قاعدة بيانات الناخبين المصريين، وهو ما يعني أن نسبة المشاركة في هذه الانتخابات بلغت 66.8 ٪، وهى أعلى نسبة تصويت في انتخابات رئاسية تعددية على الإطلاق في التاريخ المصري الحديث.
والمعروف أن أعلى نسبة مشاركة قبل ذلك كانت في جولة الإعادة في انتخابات صيف 2012، وبلغت 52 ٪، إما الجولة الأولى فكانت 47 ٪، في حين أن نسبة المشاركة في انتخابات 2014 بلغت 47 ٪ وفى انتخابات 2018 بلغت 41 ٪.
قبل الانتخابات بأسابيع كان التحدي الأكبر هو نسبة المشاركة، باعتبار أنه لا توجد سخونة في الانتخابات بفعل أن هناك مرشحاً رئاسياً له عشر سنوات في الحكم وله إنجازات على الأرض، وفي المقابل هناك ثلاثة منافسين رؤساء أحزاب هم، حازم عمر رئيس حزب «الشعب الجمهوري» وحل ثانياً بـ بـ %4.05 وفريد زهران رئيس حزب «المصري الديمقراطي الاجتماعي» وحل ثالثاً بـ4 ٪، وفي المركز الأخير جاء عبدالسند يمامة رئيس حزب «الوفد» بنسبة 1.9 ٪.
ولذلك اندهش كثيرون من ارتفاع نسبة المشاركة في الانتخابات ليس فقط مقارنة بكل الانتخابات السابقة، ولكن مع كل الظروف التي كانت تقول إن فوز السيسي بالانتخابات لا يرقى إليه الشك.
لكن هؤلاء المندهشين لم يلاحظوا أن «عامل غزة» كان له فعل السحر على مستويين.
الأول أن العدوان الإسرائيلي على القطاع أثار غضب المصريين خصوصاً مع التهديدات الإسرائيلية بترحيل وتهجير سكان القطاع إلى سيناء المصرية.
أما العامل الثاني فهو أن الخلفية العسكرية للمرشح الرئاسي عبدالفتاح السيسي جعلته الأكثر مناسبة من وجهة نظر كثير من المصريين، وبالتالي كان طبيعياً أن يتوجه معظمهم إلى صناديق الانتخابات لدعم الدولة المصرية في مواجهة التهديدات الإسرائيلية، والثاني التصويت للسيسي باعتباره الأقدر على مواجهة التهديدات الخارجية من وجهة نظر هؤلاء المصوتين.
وبالتالي فهناك كثير من المراقبين يرى أن تطورات غزة هي تفويض صريح من الشعب المصري للرئيس السيسي لمواجهة كل تحديات الأمن القومي المصري خصوصاً في سيناء، إضافة إلى التحديات الناجمة عن الاضطرابات في ليبيا والسودان، وأخيراً منطقة البحر الأحمر ارتباطاً بتطورات غزة، ما يجعل هناك حزاماً من النيران يحيط بمصر من كل الجهات وهو أمر نادر الحدوث بتجمع كل هذه التحديات في وقت واحد.
وكان لافتاً للنظر أن السيسي وفي كلمته القصيرة عقب إعلان فوزه قال بوضوح: «وكأن اصطفاف المصريين، في الانتخابات، كان تصويتاً للعالم كله من أجل التعبير عن رفضهم لهذه الحرب غير الإنسانية، وليس لمجرد اختيار رئيس لهم لفترة رئاسية جديدة».
المؤكد أن الحفاظ على الأمن القومي المصري والتصدي لمخطط التهجير وتصفية القضية الفلسطينية، ستكون على رأس اهتمامات السيسي في الفترة المقبلة، لكن هناك ملفاً شديد الأهمية أيضاً وهو الأزمة الاقتصادية شديدة الصعوبة التي تعاني منها مصر منذ اندلاع الحرب الروسية الأوكرانية في فبراير من عام 2022، وبالتالي فهذان الملفان هما اللذان سوف يحتلان اهتمامات المصريين في الأسابيع والشهور المقبلة، إضافة لقضايا وملفات أخرى كثيرة تأمل غالبية المصريين أن ترى انفراجاً في فترة الرئاسة الجديدة.