رمضان في شبرا

رمضان في شبرا

رمضان في شبرا

 العرب اليوم -

رمضان في شبرا

بقلم - أمينة خيري

رمضان فى شبرا كان حاجة تانية. وسبعينيات وثمانينيات القرن الماضى كانت حاجة تانية. صحيح أن التغيرات الجذرية التى طرأت على المجتمع المصرى، لأسباب سياسية واقتصادية واجتماعية، وكذلك أثر الهجرة الاقتصادية المصرية إلى دول الخليج، كان قد بدأ فى التجلى، لكن الروح واللون والنكهة والهوية والخصوصية المصرية كانت، ما زالت، تتمتع باليد العليا. فى ذلك الوقت، كانت الأفاعى المسمومة قد بدأت ترتع فى العقول عبر الميكروفونات وشرائط الكاسيت التى تباع على الأرصفة، ولكن الجذور والتاريخ والعقل والمنطق كانت، لاتزال، تقاوم.

أتذكر أنه فى عام 1983، وكنت وقتها أؤدى امتحانات الثانوية العامة، استيقظنا على من يطرق الباب بعنف بعد منتصف الليل بقليل. كان الطارق ابن جيراننا المسيحيين الذى طلب منه والده أن يطرق باب كل الجيران المسلمين، يخبرهم بأن اليوم التالى هو أول رمضان. لا أتذكر نوع المشكلة التى حدثت فى ذلك العام، وعدم الإعلان عن ثبوت أو تعذر رؤية الهلال عقب صلاة العشاء كما هى العادة، فنمنا على أساس أن اليوم التالى «مافيش صيام».

حين أعاود الذهاب إلى شبرا هذه الأيام، أكاد لا أتعرف على معالم المكان. نصف مدرستى الراعى الصالح تحولت إلى سوق شعبية، التكاتك غزت الشوارع الجانبية وشارع شبرا الرئيسى، الباعة الجائلون يسيطرون على الأرصفة وجانب من نهر الطريق، وجزء كبير من محلات المفروشات والملابس والأقمشة والأحذية تحول نشاطها إلى كافيهات ومحلات شاورما وكشرى وفطير وشوادر لبيع السلع الغذائية واللحوم والأسماك. أتذكر كيف كنت أنتظر رمضان بفارغ الصبر لأتابع ظاهرة كونية غريبة من شرفة بيتنا المطلة على شارع شبرا الرئيسى. فهذا الحى المعروف بكثافته السكانية والتجارية الكبيرة على مر العقود كان يشهد ظاهرة عجيبة لا تتكرر إلا فى الشهر الكريم. تجد الشارع المتخم بسيارات ودراجات وباصات متداخلة ومتناحرة لا تتحرك من مكانها بسبب الزحمة والفهلوة، حتى قبل موعد الإفطار بدقائق، وقد فرغ تمامًا من رواده إلا قليل وقت انطلاق المدفع. أين ذهبوا؟، أو كيف تم حل العقدة المرورية المستحكمة؟، أو كيف تم تفض المعارك الرمضانية حول أولوية المرور؟، أو من تدخل لحلها؟، أو كيف توقفت أوركسترا الكلاكسات الجنونية؟، تظل أسئلة لا يعلم إلا الله إجاباتها. أقف فى الشرفة وأتابع تفاصيل الشارع الهادئ تمامًا، وهى تفاصيل تختفى تمامًا تحت وطأة الأمم التى لا يخلو منها الشارع على مدار ساعات النهار والليل، باستثناء تلك الدقائق الثمينة فى رمضان. أتابع شبابًا يوزعون «البلح» (لم يكن قد سمى تمرًا حينها) على الصائمين الذين تعذر وصولهم إلى بيوتهم ومعه أكواب من العصر أو المياه. وأتابع الظاهرة الأخرى التى لا تقل غرابة عن ظاهرة تبخر المارة والسيارات والكلاكسات قبل الإفطار، وهى ظاهرة عودة الزخم فجأة دون سابق إنذار بعد الإفطار بساعة زمن واحدة. إنها شبرا فى رمضان.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

رمضان في شبرا رمضان في شبرا



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab