الفقاعات المنفجرة

الفقاعات المنفجرة

الفقاعات المنفجرة

 العرب اليوم -

الفقاعات المنفجرة

بقلم - أمينة خيري

مرة أخرى، ليست الثانية أو الثالثة، ربما تكون الألف أو المليون، ما الذي تنويه الأخبار الكاذبة والمضللة والمازجة بين المصالح والوقائع، والحقائق والمخططات، والخيال المريض وأضغاث الأحلام؟

تكاد تكون الأخبار الكاذبة والمضللة، التي تحيط بنا في طريقها، لتكون طبقة إضافية إلى طبقات الغلاف الجوي. والمسألة ليست في تأسيس وحدة للرصد والتفنيد، أو هيئة للتتبع وفرض العقوبات. أوشكت أن تكون هذه الأخبار مكوناً من مكونات الهواء الذي نتنفسه، وحتى جهود الدول والحكومات لنفي خبر مضلل أذيع هنا، أو استنكار تحليل قائم على خبر كاذب أثار ضجة هناك صارت أشبه بمصارعة طواحين الهواء.

قبل ساعات قرأنا عن رئيس أمريكي سابق كان ينتقد الأخبار الكاذبة، فإذ به يشارك أخباراً كاذبة على صفحاته، ربما بعلم أو بدونه. وقبل فترة تابعنا ما أعلنته شركة «مايكروسوفت» من أن مجموعة قرصنة حاولت اختراق منصات بث تلفزيوني غربية باستخدام بث إخباري مزيف عن حرب غزة أنشئ بالذكاء الاصطناعي، وقائم على التزييف من ألفه إلى يائه.

كما سمعنا عن توقيع الرئيس الروسي فلاديمير بوتين قانوناً، ينص على مصادرة ممتلكات كل من ينشر أخباراً كاذبة عن القوات المسلحة الروسية، أو يقترفون جرائم تضر بالأمن القومي.

ليس ما سبق إلا نقطة في بحر مما تفعله بنا الأخبار الكاذبة، وما تبذله الدول لمجابهتها، وهذا البحر لن يختفِ بقانون، أو يتم تطويقه بوحدة تحقق، وهذه الطبقة من الغلاف الجوي المعبأ بالكذب والمعبق بالتضليل تسير من ثقيلة إلى ثقيلة جداً.

ثقل الأخبار الكاذبة والتصريحات المضللة التي يقف وراء بعضها دول، لا ذباب إلكترونياً أو ميليشيات رقمية بالضرورة، مرشح للزيادة. جهات عديدة تتوقع أن يكون عام 2024 هو عام المواجهة الحقيقية والخطيرة والحاسمة بين الأخبار الكاذبة، والمعلومات المضللة من جهة، والديمقراطية من جهة أخرى. هذه الجهات تركز مخاوفها وتوقعاتها وتحذيراتها على العام الجاري باعتباره عام الانتخابات في مكان أو آخر في الغرب. ووصل الأمر بالبعض إلى تخصيص أوراق بحثية ودراسات وتقارير إعلامية عن «الخطر الداهم المقبل في هذا العام، عام الانتخابات، حيث الكذب والتضليل يتربصان الشفافية والمصداقية».

ولكل الحق في أن يقلق ويحذر، ويدبر ما يقلقه من أمور، لكن الحقيقة أن الأخبار الكاذبة والمضللة لا تتربص فقط بالغرب وانتخاباته، ولا تحكم قبضتها فقط على حقيقة المرشحين ونوايا الناخبين في هذا الجزء من العالم، ولكنها تقف بالمرصاد للدول العربية وشعوبها، وتحاول جاهدة التلاعب بمصائرها والتحكم في اختياراتها لرسم الخريطة بحسب أهواء آخرين ممن يتبعون نظرية «الفقاعات المنفجرة».

تعتمد هذه النظرية على إطلاق فقاعات تبدو صغيرة وغير مؤثرة، ألا وهي خبر كاذب هنا أو تصريح صادر عن مسؤول دولة ما أو تقرير منشور في صحيفة غربية ذات صيت وباع في عالم الإعلام، لكنه لا يحمل إلا ضلالاً وفبركة، ثم ما تلبث هذه الفقاعة أن تنفجر عبر عمليات الـ«شير»، وإعادة التدوير بعمل المزيد من المحتوى «الإعلامي» أو التحليلي على منصات الإعلام التقليدي وغير التقليدي، اعتماداً على الفقاعة الأصلية. هنا تنشطر الفقاعة، وتتضاعف آثارها الانفجارية حتى تطال الجميع.

الجميع في مرمى الكذب والتضليل، وإذا كان هناك واحد بين كل عشرة مثلاً لديه من الوقت والوعي والرغبة في التحقق مما يتعرض له من أخبار فإن التسعة الباقين في مرمى الفقاعات.

تطبيق القانون مهم، ودعم مؤسسات التحقق حيوي، والتذكير بأننا معرضون على مدار الساعة للكذب والتضليل جيد، لكن علينا أن نتدرب على التعايش مع هذه الفقاعات السامة، لأنها أمر واقع، والتعايش لا يكون بالقبول، ولكن بالتنشئة والتدريب والتثقيف المستمر ليكون المواطن العربي على بينة دائمة بأن ليس كل ما يلمع ذهباً، وليس كل ما ينشر حقيقة لا ريب فيها.

تبدو المسألة صعبة عربياً، حيث دول عديدة واقعة في براثن صراعات وأزمات وأوضاع، يبدو الحديث أثناءها عن تثقيف رقمي رفاهية لا قبل لأحد بها، لكن الصعب ليس مستحيلاً، وذلك لمصلحة الجميع.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الفقاعات المنفجرة الفقاعات المنفجرة



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:16 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل
 العرب اليوم - أحمد العوضي يتحدث عن المنافسة في رمضان المقبل

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab