عن التوقعات والانطباعات وتنبؤات الاقتصاد

عن التوقعات والانطباعات وتنبؤات الاقتصاد

عن التوقعات والانطباعات وتنبؤات الاقتصاد

 العرب اليوم -

عن التوقعات والانطباعات وتنبؤات الاقتصاد

بقلم - محمود محيي الدين

مع نهاية عام وبداية آخر تكثر التقارير المتنبئة بتغيرات الاقتصاد، وتتبارى الجهات المصدرة لها في استعراض نتائج توقعاتها، فتستعين بخبراء متخصصين وتجري مسوحاً للرأي واستقصاءات للانطباعات. ونعلم أن التوقعات تصيب وتخطيء، كما أن الانطباعات أسيرة ما يراه أصحابها. فنماذج التوقعات لا تخلو من انحياز وتعاني أوجه قصور في استيعاب الماضي وإدراك مستجدات الحاضر. وفي عالم سريع التغير يزيد اختلاف التوقعات عما ترصده في الواقع، وبعقد مقارنة سريعة لتوقعات الأمس عن حاضر اليوم يتأكد هذا دون عناء، إلا ما كان من قبيل المصادفة أو في حالات محددة لاستشراف ظواهر أو خصائص أو متغيرات معينة لا تتعرض لصدمات تعيد تشكيلها، أو تتمتع بمتانة تعينها على احتواء هذه الصدمات. أما الانطباعات بداهة فهي مزيج من خبرة الشخص ومحيطه، ومدى إتاحة المعلومات والقدرة على التحليل الموضوعي.

ولا تنتشر هذه التقارير والإقبال عليها من باب الاعتياد فحسب، ولكن لتأثيرها في اتخاذ القرارات على مستوى الحكومات والمؤسسات العامة والخاصة والأفراد، كما يتزايد اللجوء إليها مع زيادة المخاطر. وقد تستخدمها جهات بعينها للتأثير على الأسواق أو لتشكيل الرأي العام لتحقيق مصالحها. كما أن من النبوءات ما يصنف، وفقاً لعالم الاجتماع روبرت ميرتون، بأنها ذاتية التحقق من خلال التأثير على السلوك الدافع لتحقيقها فعلاً. كأن يُروج مثلاً لإفلاس مؤسسة، أو تزايد التضخم بالمبالغة في تصوير تأثير أحداث أو تغيرات معينة ذات دلالة، ومع غياب المعلومات الموثوقة لعموم الناس ينتهي الأمر لما كانت تُخشى عواقبه.

وعودة لأمثلة من التقارير الرائجة، فقد استعان المنتدى الاقتصادي العالمي بدافوس، بخبراء بلغ عددهم 1490 ينتمون إلى مؤسسات أكاديمية وخاصة وحكومية ومنظمات غير حكومية في تصنيف المخاطر العالمية، فجاء التصنيف على النحو الآتي من حيث الأهمية في الأجل القصير: 1) التضليل المعلوماتي، 2) التغيرات العنيفة في الطقس، 3) الاستقطاب المجتمعي، 4) مخاطر الأمن السيبراني، 5) الصراعات المسلحة، 6) محدودية الفرص الاقتصادية، 7) التضخم، 8) الهجرة الاضطرارية، 9) الانكماش الاقتصادي، 10) التلوث.

ولا يأتي تقدير «أكسا»، كإحدى شركات التأمين العالمية التي تقوم بالتنبؤ بالمخاطر العالمية ومحاولة تسعيرها، بعيداً في مجملها عن تنبؤاتها السابقة في العامين الماضيين مع تفاوتات بين الأقاليم الجغرافية. وتقوم المؤسسة المالية بتقدير المخاطر من خلال تقديرات مجمعة من 3500 من خبراء إدارة المخاطر من 50 دولة، فضلاً عن استطلاعات رأي تجاوب معها ما يتراوح بين 24 ألفاً و26 ألفاً من 15 دولة لتسمح بمقارنات إقليمية ودولية. وجاء ترتيب المخاطر من حيث الأهمية على النحو الآتي: 1) تغيرات المناخ، 2) مخاطر الأمن السيبراني، 3) اضطراب جيو - سياسي، 4) مخاطر الذكاء الاصطناعي وقواعد البيانات الكبيرة، 5) مخاطر الطاقة، 6) مخاطر متعلقة بالموارد الطبيعية والتنوع الطبيعي، 7) مخاطر مالية، 8) توترات اجتماعية، 9) أوبئة وأمراض معدية، 10) مخاطر الاقتصاد الكلي.

وبمحاولة التعرف على ما يحدق بالعالم العربي من مخاطر، تجده متفرقاً في التصنيفات الدولية بين أفريقيا وآسيا، تأتي تغيرات المناخ في التصنيفات الجغرافية كافة يليها الأمن السيبراني متراوحاً بين المرتبة الثانية آسيوياً والثالثة أفريقياً؛ إذ تسبقه في دول القارة السمراء من حيث الأهمية مخاطر الاستقرار المالي، ثم تأتي المخاطر الاقتصادية الكلية وتلك المتعلقة بالسياسات النقدية والمالية في المرتبتين الرابعة والخامسة. وتتمم قائمة المخاطر الخمس الكبرى في آسيا مخاطر الذكاء الاصطناعي وأمن البيانات؛ والمخاطر التي تعترض الاستقرار المالي.

جدير بالذكر، أنه إلى جانب آراء الخبراء يستخدم تقرير المنتدى الاقتصادي مسحاً لآراء وانطباعات أكثر من 11 ألفاً من قيادات الأعمال في 113 دولة لتوضيح الأولويات والتحديات المحلية في هذه الدول ومدى توافقها مع الانطباعات عن المخاطر العالمية. وضم المسح 12 دولة عربية شملت كل الدول الست الأعضاء في مجلس التعاون الخليجي، والأردن، والجزائر، والعراق، ومصر، والمغرب واليمن. وفي ترتيب المخاطر الخمسة الأولى جاءت انطباعات قيادات الأعمال في البلدان العربية مشتركة في مخاوفها من التضخم والبطالة وتراجع النمو مع اختلاف من حيث ترتيب الأهمية بين دولة وأخرى. واشتركت انطباعات قيادات الأعمال في البلدان العربية الأكثر دخلاً مع ما ورد من انطباعات لبعض دول منظمة الاقتصادي والتنمية والدول ذات الأسواق الناشئة الكبيرة مثل اكتراثهم بمخاطر الذكاء الاصطناعي والأمن السيبراني والأمراض المعدية. أما البلدان العربية متوسطة الدخل والأقل دخلاً فقد تقدمت في قوائمها التحديات الاقتصادية المتمثلة في الديون وتفاوت الدخول والثروات وتقلب أسعار الطاقة، فضلاً عن شح المياه وتأثير الصراعات المسلحة عبر الحدود على المجتمع والاقتصاد.

ويأتي تقرير البنك الدولي عن آفاق الاقتصاد العالمي، الصادر في مطلع هذا العام، معززاً للانطباعات المتحسبة من تراجع النمو وعدم اكتمال التعافي الاقتصادي، رغم تزايد احتمالات ما يطلق عليه «الهبوط الناعم» في الدول ذات الاقتصادات المتقدمة والأسواق الناشئة بمعنى السيطرة على التضخم دون زيادة البطالة بركود اقتصادي. أما البلدان النامية، فهي تعاني تراجع معدل نمو الناتج المحلي وانخفاض معدل الاستثمار عن نصف متوسطاتها في العقدين الماضيين. ومع انخفاض صافي التدفقات المالية إلى البلدان الأقل دخلاً إلى الصفر السنة الماضية، مع زيادة تحديات المديونية الخارجية في البلدان النامية وترواحها بين مشكلات سيولة وأزمات تعثر وعدم قدرة على السداد تتسع الهوة بين تحقيق أهداف التنمية المستدامة مع نهاية هذا العقد وما هو متاح فعلياً للبلدان النامية من موارد. وحتى تأتي قمة المستقبل للأمم المتحدة، التي ستعقد في سبتمبر (أيلول) المقبل، بالنتائج المرجوة واستعادة مسيرة التنمية المستدامة، يجب أن ينتشل التعاون الدولي بداية من القاع المتدني الذي صار إليه بالتفتيت الاقتصادي وزيادة حدة الاستقطاب جراء تنامي الصراعات الجيو - سياسية.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

عن التوقعات والانطباعات وتنبؤات الاقتصاد عن التوقعات والانطباعات وتنبؤات الاقتصاد



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر
 العرب اليوم - الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي
 العرب اليوم - شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25
 العرب اليوم - "نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!

GMT 11:51 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

تليغرام يطلق تحديثات ضخمة لاستعادة ثقة مستخدميه من جديد

GMT 08:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

أحمد العوضي يكشف عن بطلة مسلسله بعد انتقاد الجمهور

GMT 06:02 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

نعم... نحتاج لأهل الفكر في هذا العصر

GMT 03:04 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

مصر تطالب بتبني قرار لوقف إطلاق النار في قطاع غزة

GMT 06:00 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتلة صورة النصر

GMT 18:42 2024 الإثنين ,18 تشرين الثاني / نوفمبر

مسلسل جديد يجمع حسن الرداد وإيمي سمير غانم في رمضان 2025

GMT 18:00 2024 الأحد ,17 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يكشف سر تكريم أحمد عز في مهرجان القاهرة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab