مسألة القيم ومسائل السياسات

مسألة القيم ومسائل السياسات

مسألة القيم ومسائل السياسات

 العرب اليوم -

مسألة القيم ومسائل السياسات

بقلم - رضوان السيد

يكثر الحديث عن قضايا القيم ومسائل السياسات. وفي العادة فإنّ هذه التأملات ذات الطابع الاستراتيجي والأخلاقي، يكون المقصود منها متابعة سلوك ومسالك الولايات المتحدة في عالم اليوم، وخلال العقدين الأخيرين من السنين.
والواقع أنّ هذا السؤال بين النظرية (القيم والاستراتيجيات) والواقع (السياسات) مطروحٌ منذ مطالع القرن العشرين. وقد جرى الانشغال به في ألمانيا ما قبل الزمن النازي عندما درس السوسيولوجي الألماني الكبير ماكس فيبر (1864-1920) مفهومي العالِم والسياسي. فقد ذهب إلى أنّ كلا الشخصيتين تحتاج من أجل النجاح المشهود، كلٌّ في مجاله، إلى الرسالة أو أخلاق الاعتقاد والاقتناع من جهة، ومن جهةٍ ثانيةٍ أخلاق العمل أو السياسات. وماكس فيبر يربطها بالاحتراف أو المهنة أو الممارسة المسؤولة. فحتى النجاح الشخصي يحتاج إلى هدفٍ أو ما يشبه الرسالة.
أما العمل على إحقاق الرسالة فيتطلب انصرافاً واحترافاً ومسؤولية، ووسائل التنفيذ المسؤولة هذه على اختلافها تُعتبر سياسات عملية. وقد اعتبر فيبر أنّ هذا الأمر ينطبق من باب أَولى على الاستراتيجيات الكبرى للدول وسياساتها المتنوعة بالداخل وتجاه الخارج. هل من الضروري أن يكون للاستراتيجيات معان قيمية وأخلاقية؟ قد لا يكون ذلك بدهياً، لكنّ مسائل النفع العامّ لدى الدول والأفراد لا بد أن تتخذ سمات قيمية وأخلاقية، وكما يحدث ذلك على المستوى النظري، فإنّه ينطبق على السياسات العملية، لأنّ الغاية لا تبرر الوسيلة.
    وفي كتاب جوزف ناي الصادر قبل سنتين يسائل الأستاذُ والسياسي الأميركي المعروف في عنوان الكتاب نفسه «هل تعني الأخلاقيات شيئاً في السياسات الخارجية الأميركية؟»، وهو يعرض على مدى الكتاب سياسات الولايات المتحدة، وقد عمل موظفاً سامياً في ثلاثٍ من إدارات رؤسائها، مستنتجاً أن الأخلاق لعبت دوراً مهماً في تلك الإدارات. جوزف ناي هو صاحب كتاب «القوة الناعمة» الصادر أواسط التسعينيات، ويقصد بها القوى المعنوية والأخلاقية وسياسات التعليم والهجرة والتقدم العلمي والنظام القانوني وترتيبات العيش، وهي الأمور التي تفوقت فيها الولايات المتحدة بحيث انتصرت في الحرب الباردة، ومن أجل ذلك سُمّي القرن العشرون قرناً أميركياً!  
  إنّ هذا «الإيمان» بتُراث «المدينة على الجبل»، كما كان المؤسِّسون الأوائل للدولة الأميركية يسمُّونها، قد داخلته الشكوكُ والتصدعات، وذلك لعدة أسباب أهمها الفروق الشاسعة بين الاستراتيجيات أو أخلاق الرسالة والاعتقاد من جهة، والسياسات من جهةٍ ثانية. فبعد نصف قرنٍ من السلام العالمي العام الذي قادته الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية عن استحقاق، صارت الدولة الأميركية تحاول البقاء في مقاعد القيادة ليس بالقوة الناعمة، بل بالقوة العسكرية واستخدام وسائل الضغط الاقتصادية والعلمية والأمنية. لقد زادت التزاماتها وانتشرت قدراتها من دون تركيز، وما عادت أخلاق الرسالة كافيةً لإقناع الآخرين، وليس الكبار فقط مثل روسيا والصين، بل والقوى الوسطى والصغرى أيضاً مثل إيران وفنزويلا!  
  كيف تستطيع الدولُ المقاربةَ بين استراتيجياتها الأخلاقية وسياساتها العملية؟ تختلف آراء الخبراء الأميركيين، منهم فريقٌ يقول بالتخلي عن الالتزامات التي تتطلب نفقاتٍ وحروباً، ومنهم من يقول إنّ التخلي ما عاد ممكناً ليس بسبب الإخلال بالهيبة، بل ولأن المصلحة الوطنية الأميركية صارت تقتضي التدخل ولو كلَّف ذلك حروباً! والمشكلة الآن ليس في الخارج الذي صار يتحدى أميركا، بل في الانقسام الأميركي الداخلي الحادّ بشأن الخيارات الداخلية والخارجية!

 

arabstoday

GMT 07:06 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

الاحتفاء والاستحياء

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 06:52 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أوروبا تواجه قرارات طاقة صعبة في نهاية عام 2024

GMT 06:49 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

هل هي حرب بلا نهاية؟

GMT 06:48 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

حرب إسرائيل الجديدة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسألة القيم ومسائل السياسات مسألة القيم ومسائل السياسات



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 21:12 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل
 العرب اليوم - بايدن يعلن التوصل إلى إتفاق وقف النار بين لبنان وإسرائيل

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته
 العرب اليوم - أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما
 العرب اليوم - رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات
 العرب اليوم - المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 06:59 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فلسطين و«شبّيح السيما»

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 06:45 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

لبنان يقترب من وقف النار

GMT 10:19 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

جهود هوكستين: إنقاذ لبنان أم تعويم «حزب الله»؟

GMT 16:54 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

روسيا تتعاون مع الحوثيين لتجنيد يمنيين للقتال في أوكرانيا

GMT 02:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

11 شهيدًا في غارات للاحتلال الإسرائيلي على محافظة غزة

GMT 06:56 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

فرصة إيرانية ــ عربية لنظام إقليمي جديد

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 07:58 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

اندلاع حريق ضخم في موقع لتجارب إطلاق صواريخ فضائية في اليابان

GMT 07:53 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

ألمانيا تحاكم 4 أشخاص بزعم الانتماء لـ "حماس"

GMT 06:54 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

النموذج السعودي: ثقافة التحول والمواطنة

GMT 07:10 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

تحذير أممي من تفشي العنف الجنسي الممنهج ضد النساء في السودان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab