لماذا تخوض إيران صراعاً كصراع «الوجود»

لماذا تخوض إيران صراعاً كصراع «الوجود»؟!

لماذا تخوض إيران صراعاً كصراع «الوجود»؟!

 العرب اليوم -

لماذا تخوض إيران صراعاً كصراع «الوجود»

بقلم - رضوان السيد

منذ سنوات لم تخُض إيران صراعاتٍ بالشراسة التي تخوضها اليوم. وفي المقابل، الصعوبات التي تقفز في وجه إيران وميليشياتها عسيرة، بل عسيرة للغاية.
منذ 7 سنواتٍ وأكثر، تريد إيران السيطرة على اليمن، وتهديد المملكة العربية السعودية، وتهديد أمن النقل البحري في بحر عُمان وباب المندب والبحر الأحمر. بيد أنّ الأشهر الأخيرة شهدت وتشهد قتالاً عنيفاً جداً من أجل السيطرة على مأرب، علاوة على تحدي أمن المملكة بالصواريخ والمسيّرات. وإلى هذا وذاك وذلك، يتعمد الحوثيون مهاجمة مخيمات اللاجئين وأحياء المدنيين للإرعاب بكثرة القتلى الصغار والكبار. وخلال 5 أشهر، فقد الحوثيون ما لا يقل عن عشرات آلاف القتلى، إضافة إلى آلاف الجرحى. وهم مع ذلك، لا يروعون ولا يرتدعون. فلماذا هذا الإصرار على ارتكاب جرائم الحرب، وتحمل الخسائر الهائلة؟!
ما يحدث في اليمن يحدث مثله في العراق وأفظع. ففي اليمن المشهد غامضٌ بعض الشيء. أما في العراق فإنّ المسيَّرات الإيرانية والصواريخ تضرب في كل مكانٍ ولا تتردد في محاولة اغتيال رئيس الحكومة الكاظمي. إنّ الظاهر أنّ التصعيد حصل بعد الفشل في الانتخابات. لكننا نعرف أنّ الإيرانيين لا يأبهون للانتخابات، وما عملوا لها كثيراً هذه المرة، فلماذا هذا الإصرار على العنف العنيف، والآن بالذات؟!
وفي العادة، وبعد العام 2008 عندما احتلّ «حزب الله» بيروت؛ فإنه يتصرف ببرودة، ولا يأبه لهذا الفوز أو ذاك في الانتخابات، لأنه واثقٌ من الحصول على ما يريد بقوة السلاح أو وهجه. بل إنه بدأ للمرة الأولى منذ نحو سنة ونصف سنة ساعياً بجد لتشكيل حكومة. ثم منذ أسابيع قليلة، فقد الحزب المعتز بنفسه وقوته أعصابه وصبره. فأوقف عمل الحكومة، وتمسك بالوزير جورج قرداحي، وهَدّد زعيم الحزب الدكتور جعجع بـ100 ألف مقاتل، فماذا عدا مما بدا؟ وأين الخطر الساحق الذي يدفع للتصرفات المتعجلة والهائجة التي أفقدته المسيحيين بعد السُنة؟!
وما اقتصر الأمر على اليمن والعراق ولبنان؛ بل يحدث الأمر ذاته في سوريا؛ حيث للمرة الأولى تقاتل الميليشيات الشيعية في شمال سوريا وشمال شرقيها وإلى جانب الروس وقوات النظام؛ بينما لا تدافع إيران عن نفسها وعن ميليشياتها في الجنوب والوسط حيث تتلقى مراكزها ضربات قاسية من إسرائيل، فهل تريد إيران التمركز على حدود العراق بدون وسط سوريا وجنوبها، أم أنّ الأمر هو أمر إبقاء الطريق مفتوحاً عبر سوريا إلى لبنان والمتوسط وأسطورته؟!
ولا تنفد العجائب لهذه الناحية في الآونة الأخيرة. فقد اشتعلت على إيران جبهتان في الشرق؛ الجبهة الآذرية، والجبهة الأفغانية الطالبانية (!) وكلتاهما لا يُستهان بهما، وبخاصة إذا لاحظنا أن التوتر الإيراني في سوريا يواجه التحدي التركي، والتوتر مع أذربيجان يحضر فيها التركي بقوة أيضاً!
وقد كنا نذهب خلال نحو العقدين إلى أنّ إيران في كل ما تقوم به من تدخلاتٍ في الدول العربية، إنما تريد إزعاج الولايات المتحدة وجذب اهتماماتها. لكنْ للمرة الأولى من أكثر من 10 سنوات يدخل الطرفان الأميركي والإيراني في حالة من اليأس، كلٌّ منهما من الآخر. الأميركي أيام بايدن كان يريد العودة للاتفاق النووي من العام 2015، الذي خرج منه ترمب عام 2017. أما الآن فهو يريد أكثر، ويزعم أن الصواريخ الباليستية والمسيّرات هي أخطر من النووي! ومن جانبه الإيراني ما يزال يصرّ على أن المفاوضات لا بد أن تقترن برفع العقوبات. لقد تحدد موعد للعودة للتفاوض في 29 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي، لكن مَنْ يدري ماذا يحصل حتى ذاك الحين؟!

ولنراقب شقاً آخر. فقد حاول الكاظمي رئيس وزراء العراق أن يُظهر بعض الاستقلالية. لكنه ظل في الوقت نفسه حريصاً على العلاقات مع طهران. ومع ذلك، فإنّ الميليشيات التابعة أطلقت صواريخ من مسيّرات على منزله بقصد اغتياله. وعندما كان محازبو الحزب و«حركة أمل» ماضين في مظاهرة صاخبة بشوارع بيروت المسيحية، أُطلقت عليهم النيران وسقط 7 قتلى كلهم من الشيعة. وبذلك، فإنّ الأمر متوترٌ من كل النواحي، والغاضب دائماً لأصواتٍ من هنا وهناك عاد للتهديد حقاً كما كان يفعل من قبل وأكثر، وما عاد متهاوناً ولا مستخفاً!
ويضاف للمشهد الذي لا ينقصه ما يجعل الحرب وشيكة أنّ إسرائيل تتابع غاراتها على المراكز الإيرانية ومراكز «حزب الله» في سوريا وبعنفٍ غير مسبوق. ويزيد الطين بلة أنّ هذه الغارات تتكثف بعد زيارة رئيس وزراء إسرائيل الجديد لروسيا وبوتين من جهة، وزعْم الصحف الإسرائيلية أنه جرى الاتفاق على إخراج إيران من سوريا!
عبر السنوات القليلة الماضية كانت إيران تفتخر بالسيطرة على 4 عواصم عربية. أما اليوم فتبدو إيران مصممة على تخريب العواصم الأربع، بل البلدان الأربعة، ولو بالحرب المدمرة. ولا يبدو أنها تريد بذلك «معاقبة» الولايات المتحدة (!) وإنما هو الحقد المحض على العرب جميعاً الذي عاد للظهور في خطابات زعيم الحزب المسلَّح، ودون أن يخلو الأمر من ظهورٍ للحزازات الطائفية!
إنّ هذا الوصف المفصَّل لا يكفي للتعليل، ولا يساعد على كثير من الفهم. وإنما هو التهديد بالحرب والدمار والاتهامات غير المعقولة للعرب بالجرائم الممكنة وغير الممكنة ضد إيران، وهي أمورٌ كانت تقصرها على الإرهاب الذي صار منسياً بعد مسيَّراتها، ليس ضد المملكة فقط؛ بل ضد الكاظمي أيضاً!
هل يئست إيران من عودة الاتفاق على النووي، أم هي واثقة من تحالفاتها مع الصين وروسيا بحيث تصير إلى حافة الهاوية كالعادة، فيخضع الآخرون أو يلجأون للتفاوض؟ أو أنها تشعر بازدياد التمرد على رغباتها في العراق ولبنان وأفغانستان فتعمد لإعطاء دروسٍ في الإصرار على الأمر الواقع؟!
يقول ويليام شكسبير؛ إنّ المصائب لا تأتي فُرادى! وهكذا فإنّ الهياج الإيراني قد لا يكون له سبب واحد. إنما الراجح أنّ النتيجة ستكون واحدة. إذ من المستحيل أن تظل الدول والشعوب العربية مستكينة للتدخلات الإيرانية والتخريب الإيراني.
حتى الآن، فإنّ الأعلى صوتاً في مواجهة التحدي الحربي الإيراني هم اليمنيون بمعاونة التحالف العربي. أما التذمر العالي الوتيرة فظاهرٌ في العراق ولبنان، وإلى حدٍ ما في سوريا.
وعلى أي حال، فإنّ العجيب أنّ الهياج الإيراني يُشعر كأنما هي حرب وجود، مع أنّ الصراعات جميعاً هي في بلدان الآخرين، وعلى إنسانهم وأمنهم وعمرانهم.
يرضى القتيل وليس يرضى القاتل!

 

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

لماذا تخوض إيران صراعاً كصراع «الوجود» لماذا تخوض إيران صراعاً كصراع «الوجود»



إطلالات الأميرة رجوة الحسين تجمع بين الفخامة والحداثة بأسلوب فريد

عمّان ـ العرب اليوم

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا
 العرب اليوم - تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 07:25 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية
 العرب اليوم - وجهات سياحية راقية تجمع بين الطبيعة الساحرة وتجارب الرفاهية

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات
 العرب اليوم - كيف تختار الأثاث المناسب لتحسين استغلال المساحات

GMT 18:57 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه
 العرب اليوم - العين قد تتنبأ بالخرف قبل 12 عاما من تشخيصه

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح
 العرب اليوم - دينا الشربيني ورانيا يوسف تستعدّان للقائهما الأول على المسرح

GMT 08:36 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

أطعمة ومشروبات تساعد في علاج الكبد الدهني وتعزّز صحته

GMT 08:12 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

التغذية السليمة مفتاح صحة العين والوقاية من مشاكل الرؤية

GMT 06:06 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

راجعين يا هوى

GMT 19:32 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

رانيا فريد شوقي تكشف سبب ابتعادها عن السينما

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 02:48 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

المحكمة العليا الأميركية ترفض استئناف ميتا بقضية البيانات

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

تحوّل جذري في إطلالات نجوى كرم يُلهب السوشيال ميديا

GMT 13:18 2024 الأربعاء ,27 تشرين الثاني / نوفمبر

قطر ترحب بوقف النار في لبنان وتأمل باتفاق "مماثل" بشأن غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab