بقلم : محمد أمين
ما جرى لشعب سوريا من حروب وإلقاء فى السجون يستدعى العلاج النفسى وإنشاء مصحات نفسية لتأهيل المواطنين، وهى ليست مسؤولية سوريا وحدها ولكنها مسؤولية المجتمع الدولى.. فأثناء الحروب يسقط المقاتلون، بعضهم يسقط فى الميدان، وبعضهم يسقط فى بيته.. بسبب القصف.. هؤلاء ننتبه إليهم ويبقى أن ننتبه لمن يسقطون ضحايا نفسيين، وهؤلاء غالبًا لا يكونون فى الخطوط الأمامية، ولكنهم غير بعيدين عن التأثيرات النفسية الكبيرة.. العائدون من الحروب لا يختلفون عن الخارجين من السجون.. سجن صيدنايا فجر فكرة التأهيل النفسى للسجناء حتى يندمجوا مع الناس العادية.. وهناك مختصون لعلاج حالات ما بعد الحروب والسجون!
سوريا عاشت كل الظروف المأساوية للأسف الشديد.. فللحرب تأثير سلبى للغاية على نفسية الناس، محاربين كانوا أم مسالمين، حوَّلت الحرب حياتهم الهانئة إلى مآسٍ، ما أثَّر على أدائهم ومزاجهم ومشاركتهم فى المجتمع.. لذلك يعمل المجتمع النفسى الدولى بنشاط لمساعدة الأفراد العسكريين، وقدامى المحاربين، وأسر الذين سقطوا ضحايا الحروب، والذين عانوا ويلاتها، فى تكيفهم النفسى مع الحياة خارج الخطوط الأمامية أو تأثيرات المعارك وأجواء التوتر!
يحتاج الأشخاص الذين يعانون من مخاوف نفسية إلى المساعدة أحيانًا وفى جوانب مختلفة من حياتهم، بما فى ذلك بيئات العمل والمعيشة والحالات الاجتماعية والتعليمية. أحد الأساليب التى يمكن أن تساعد هؤلاء الأفراد على إدارة الأعراض وتحسين الأداء، يُعرف باسم إعادة التأهيل النفسى والاجتماعى!
وقد شاهدنا الخارجين من السجون فى حالة مأساوية، بعضهم فقد عقله، وبعضهم فقد ذاكرته، وبعضهم لا يتفاعل ولا يتكلم وإنما يشعر فقط بالرعب!
فمنذ عقود تغيّر النهج المتّبع فى علاج قضايا الصحة النفسية والعقلية بشكل كبير، وأدى إلى الخروج من المؤسسات التقليدية إلى مراكز التأهيل الحديثة، التى اعتمدت أساليب أكثر تطوّرًا للتعاطى مع مثل هذه الحالات. والآن يوجد تركيز على مساعدة الأشخاص الذين يعانون من حالات الصحة النفسية. وتسعى إعادة التأهيل النفسى والاجتماعى جاهدة للمساعدة فى الحد من التأثيرات المختلفة وتعزيز الاندماج الاجتماعى. غالبًا ما يكون التعافى الكامل هو الهدف، ولكن يُنظر إليه على أنه عملية وليس نتيجة!
وتتمحور إعادة التأهيل النفسى والاجتماعى حول إمكانية تعافى الشخص. وتركز على توفير التمكين والإدماج الاجتماعى والدعم ومهارات التأقلم. ورحلة كل شخص مع هذا العلاج هى رحلة فردية وفريدة من نوعها، ويمكن لإعادة التأهيل النفسى والاجتماعى أن تساعد الأشخاص المصابين فى العثور على المعنى والأمل والنمو بصرف النظر عن قدراتهم أو آثار حالتهم!
يقول المتخصصون إن العلاج الجماعى ضرورى للسجناء الذين يعانون اضطرابات عقلية خطيرة، ويشمل على سبيل المثال لا الحصر المجموعات العلاجية التى تركز على حاجة السجناء المضطربين عقليًّا لفهم حالتهم المرضية والالتزام بأنظمتهم الدوائية.. باختصار، ما جرى للمعتقلين السياسيين فى سوريا وغيرها يتطلب سرعة التأهيل النفسى لدمج كل هؤلاء فى المجتمع مرة أخرى!.