ستارمر والأمن القومي البريطاني

ستارمر والأمن القومي البريطاني

ستارمر والأمن القومي البريطاني

 العرب اليوم -

ستارمر والأمن القومي البريطاني

بقلم - عادل درويش

في الوقت الذي تنخفض فيه شعبية حكومة العمال بزعامة السير كير ستارمر إلى رقم قياسي بدأت تواجه غضب الرأي العام البريطاني واتهامات بالتقصير في الأمن القومي وتعريض استراتيجية الدفاع للخطر بتخليها عن أرخبيل جزر تشاغوس في المحيط الهندي ومنحها إلى موريشيوس بلا طرح الأمر على البرلمان للتصويت.

 

الانتقادات، بخاصة من كبار ضباط الجيش المتقاعدين، وصلت حد اتهام حكومة العمال «بعدم الوطنية» لأنها تضع الآيديولوجيا الاشتراكية قبل المصالح القومية.

ربما الاستثناء صحيفة «الديلي ميرور» العمالية، وبعض المعلقين في منابر اليسار كالـ«بي بي سي»، و«القناة الرابعة»، و«الغارديان» الذين اعتبروا أن التخلي عن جزر بريطانية يطوي صفحة أخرى في سجل تاريخ مستعمرات الإمبراطورية؛ رغم أن الجزر تُعدُّ قانونياً جزءاً من أراضي المملكة المتحدة (الأراضي البريطانية في المحيط الهندي) منذ خريف 1965. أما بقية الوسائل الصحافية والإعلامية فتحولت صفحاتها الأولى إلى انتقادات غاضبة لستارمر وحكومته، واتهامه ليس فقط بالتفريط في السيادة الوطنية، بل أيضاً بالجهل بحقائق الجغرافيا والإثنوغرافيا والتاريخ، ناهيك عن الاستراتيجية الدفاعية.

فبعكس بلدان استعمرتها القوى الأوروبية، لم تكن جزر تشاغوس مأهولة أصلاً بالسكان، حتى وصلها الفرنسيون في 1783 وبدأوا في اجتلاب عمال (معظمهم عبيد من أفريقيا) للعمل حتى تأسست مزارع لإنتاج جوز الهند بشكل تجاري في 1793. وبعد هزيمة نابليون بونابرت (1769 - 1821) ونفيه في 1814 انتقلت سيادة الجزر إلى بريطانيا. وبجانب عدم وجود سكان تاريخياً من موريشيوس في تشاغوس فإنها تبعد أكثر من ألفي كيلومتر عن سواحلها.

المنتقدون أيضاً يخشون من أن التفريط في أراضٍ بريطانية قد يشكل سابقة تحفز بلداناً أخرى على استقطاع المزيد من أراضي المملكة، مثل جزر الفوكلاند البريطانية - التي تطالب بها الأرجنتين - والتي لم يكن بها أي سكان حتى هبط عليها البريطانيون في 1690 بسفينة «ويلفاير» بقيادة القبطان جون سترونغ (1664 - 1693) وأطلق عليها الاسم لأن فيسكونت الفوكلاند أنتوني كيري (1658 - 1694) كان راعي وممول الرحلة الاستكشافية، وخاضت بريطانيا حرباً لتحريرها من احتلال الأرجنتين ثلاثة أشهر في 1982.

كما أن إسبانيا تطالب بجبل طارق، لكنها أراضٍ بريطانية منذ 1713 بمقتضى معاهدة إتريخت في نهاية حروب العرش الإسبانية (1701 - 1714)، تسع سنوات بعد رفع قوات السير جورج رووك (1650 - 1709) العلم البريطاني عليها. وحاول الإسبان الاستيلاء عليها في 1727 وعدة مرات ما بين 1779 و1783. لكن صدتهم الحامية البريطانية بنجاح.

وزراء الخارجية والدفاع السابقون، كبوريس جونسون، وديفيد كاميرون، وجيمس كليفرلي، وغرانت شابس، والخبراء العسكريون يرون أن أرخبيل تشاغوس، مثل جبل طارق، لا ينفصل عن الأمن القومي الاستراتيجي لبريطانيا وحلفائها. وقاعدة جبل طارق كان دورها محورياً في الحروب بخاصة العالمية الثانية.

أكبر جزر تشاغوس، دييغو غارسيا، بها المطار والقاعدة العسكرية البريطانية الأميركية المشتركة لأكثر من نصف قرن.

ومنذ إعلان حكومة العمال البريطانية في 1968 التخلي عن مسؤولياتها شرق السويس والانسحاب كاملاً من الخليج في 1971 لا توجد قواعد عسكرية عليها سيادة بريطانية كاملة سوى المنشآت العسكرية في دييغو غارسيا.

وحاجة بريطانيا أكثر إلحاحاً من حاجة أميركا للقاعدة؛ فبينما لبريطانيا حاملتان فقط والإمكانات محدودة، فلأميركا 11 أسطولاً بحرياً لكل منه حاملة طائرات لإبقاء ما يساوي قاعدة جوية وبحرية دائمة في كل بحار ومحيطات العالم. ومع التهديدات للملاحة سواء من القرصنة من الساحل الأفريقي أو صواريخ الحوثيين ضد السفن، فإن وجود السلاح الجوي الملكي في القاعدة مسألة أمن قومي لبريطانيا وللحلفاء والأصدقاء بخاصة العرب في المنطقة. ورغم أن القاعدة ستبقى باتفاقية لمدة 99 عاماً، فإن التهديد الأكبر يأتي من التقارب بين موريشيوس والصين وهي في حالة حرب باردة مع التحالف الأنغلو - أميركي. فبعد التخلي عن الجزر ومنحها لموريشيوس، فأغلب الاحتمالات أن الصين، التي تتوسع بنفوذها في أفريقيا، ستقدم لحكومة بورتلوي (وهناك علامات استفهام وتقارير سلبية عن حقوق الإنسان ومعاملة المرأة في موريشيوس) عروضاً مغرية لوضع قواعد بحرية وجوية في أكثر من جزيرة، تعرقل أي خطط بريطانية لحماية المصالح شرقاً. التهديد الصيني يقلق واشنطن، ويناقشه المختصون هناك علناً. وبينما تحاول حكومة ستارمر إقناع الرأي العام أن أميركا وافقت على تسليم الجزر البريطانية إلى موريشيوس، نشرت «التايمز» اللندنية أول من أمس، نقلاً عن مصادر أمنية أميركية أن واشنطن قلقة لتوقعها وجوداً عسكرياً صينياً في الجزر.

arabstoday

GMT 06:28 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

الجزائري خارج الجزائر

GMT 06:25 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

تغيّر "حزب الله" ولم تتغيّر إيران!

GMT 06:22 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

أميون يخططون لمستقبلنا!

GMT 06:16 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

منطقتنا واليوم التالي

GMT 06:14 2024 الأربعاء ,06 تشرين الثاني / نوفمبر

خنادق الآيديولوجيا وأقفاصها

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ستارمر والأمن القومي البريطاني ستارمر والأمن القومي البريطاني



تارا عماد بإطلالات عصرية تلهم طويلات القامة العاشقات للموضة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:11 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً
 العرب اليوم - الأميرة آن تُغير لون شعرها للمرة الأولى منذ 50 عاماً

GMT 11:50 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة
 العرب اليوم - ولي العهد السعودي يُدين الإجراءات التي اتخذتها إسرائيل في غزة

GMT 19:33 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران تؤكد على أهمية تنمية العلاقات مع السعودية
 العرب اليوم - إيران تؤكد على أهمية تنمية العلاقات مع السعودية

GMT 14:56 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس
 العرب اليوم - أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس

GMT 20:55 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إلهام علي تكشف عن ملامح خطتها الفنية في 2025
 العرب اليوم - إلهام علي تكشف عن ملامح خطتها الفنية في 2025

GMT 14:56 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أداة ذكية لفحص ضغط الدم والسكري دون تلامس

GMT 01:33 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

اعتقالات جديدة في أحداث أمستردام وتجدد أعمال الشغب

GMT 13:05 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

مهرجان آفاق مسرحية.. شمعة عاشرة

GMT 06:21 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

مفكرة القرية: الطبيب الأول

GMT 10:50 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

سبيس إكس تعيد إطلاق صاروخ Falcon 9 حاملا القمر الصناعى KoreaSat-6A

GMT 20:05 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

انضمام بافارد لمنتخب فرنسا بدلا من فوفانا

GMT 16:04 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ريال مدريد يكشف طبيعة إصابة فاسكيز ورودريجو في بيان رسمي

GMT 07:23 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

أزياء ومجوهرات توت عنخ آمون الأيقونية تلهم صناع الموضة

GMT 08:47 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

تامر حسني يتألق في حفل حاشد بالقرية العالمية في دبي

GMT 14:12 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

ليفربول يفقد أرنولد أسبوعين ويلحق بموقعة ريال مدريد

GMT 22:55 2024 الأحد ,10 تشرين الثاني / نوفمبر

ليوناردو دي كابريو يحتفل بعامه الـ50 بحضور النجوم

GMT 12:05 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

اليورو يلامس أدنى مستوياته مقابل الدولار منذ أواخر يونيو

GMT 02:27 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

27 شهيدًا ومصابًا في عدوان إسرائيلي استهدف السيدة زينب بدمشق

GMT 01:59 2024 الثلاثاء ,12 تشرين الثاني / نوفمبر

إعلان حالة التأهب الجوي في ثلاث مقاطعات أوكرانية

GMT 08:40 2024 الإثنين ,11 تشرين الثاني / نوفمبر

نيللي كريم مهدّدة بالخروج من دراما رمضان
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab