بقلم:مشاري الذايدي
في غمرة الحرب الإسرائيلية ضد تكوينات «المحور» في لبنان وسوريا، فاجأ الجيشُ الأميركيُّ العمومَ بالإعلان عن شنّه سلسلة من الهجمات الجوية ضد معسكرات تابعة لتنظيم «داعش» في سوريا.
البيان العسكري الأميركي قال ما خلاصته إن الهدف من هذه الغارات هو شّل قدرات «داعش» في المنطقة. والسؤال: لماذا الآن؟ أم هي عملية تقليدية ضمن أعمال «التحالف الدولي» ضد «داعش»، تعمل بمعزلٍ عن السياقات الأخرى؟
ينتشر نحو 900 جندي أميركي في سوريا، إلى جانب عدد غير معلن من المتعاقدين، كما أن تقديرات الأمم المتحدة تذكر أن «داعش» في سوريا والعراق ما زال لديه ما بين 3 آلاف و5 آلاف مقاتل، وفق تقرير لها في يناير (كانون الثاني) الماضي.
على ذكر «التحالف الدولي» ضد «داعش»، فإن ألان ماتني، منسّق وزارة الدفاع الأميركية لهذا «التحالف»، كشف عن وجود استراتيجيات وخطط جديدة يعتمدها «التحالف» لمواجهة تهديدات التنظيم الإرهابي الأشهر في العالم.
وقال ماتني، وفق تقرير نشره موقع «وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون)»، الخميس الماضي، إن «داعش» لم يعد «يحكم أراضيَ»، لكن الآيديولوجيا التي يتبنّاها التنظيم لا تزال قائمة، وإن هناك حاجة لدى «التحالف الدولي» لمواجهة هذه التهديدات.
هل «داعش» تنظيم جامد غير قادر على التطور واستيعاب المتغيرات من حوله وتكييف نفسه ووسائل دعايته وفق هذه المتغيرات، خصوصاً أن «داعش»، زمنياً، يُعدّ «أحدث» نسخة من نسخ الإسلام السياسي المسلّح؟
الخبير والمسؤول الأميركي عن ملف «داعش»، ألان ماتني قال في التقرير ذاته: «أعتقد أنه إذا كنا تعلمنا أي شيء خلال السنوات العشر الماضية، فيمكنني القول إن هذا التهديد لا يختفي؛ بل يتغير ويتكيّف».
النقطة الخطرة في هذا التقرير الأميركي، هي الإشارة إلى جغرافيا جديدة استهدفتها «دولة داعش» بعيداً عن مسرح الصراع في الشرق الأوسط؛ إذ يذكر التقرير أن «داعش» يواجه حالياً صعوبة أكبر في العمل بالعراق وسوريا، وهو يحاول الآن العمل في غرب أفريقيا، والصومال، وأفغانستان، وجنوب شرقي آسيا.
كل هذا وفق التقرير الذي نشرته وزارة الدفاع الأميركية.
لا تجوز الاستهانة بما يجري اليوم في الصحراء الأفريقية وفي أماكن أخرى من أفريقيا وآسيا، لمجرّد أن عدسة الإعلام و«السوشيال ميديا» خاصتنا لا تحفل بها، أو لا تدري بها بالأحرى، فهذا التجاهل أو التكاسل في المعرفة لا يلغي وجود الخطر المقبل، الذي سيصل إليك شرره أو دخانه للأسف، خصوصاً إذا تحولت تلك الجغرافيا إلى مغناطيس جذب جديد لجيل حديث من المراهقين، أو شبه المراهقين من الكبار.
الأمور بعضها مرتبط ببعض، لذلك وجب التنويه؛ للمرة العاشرة أو أكثر.