كيف استعدت إيران للتفاوض

كيف استعدت إيران للتفاوض

كيف استعدت إيران للتفاوض

 العرب اليوم -

كيف استعدت إيران للتفاوض

بقلم - سوسن الشاعر

أهم عنصر من عناصر مشروع إيران القاضي بالتمدد والتوسع للبحر الأحمر والأبيض احتفاظها بالميليشيات التابعة لها (حزب الله، أنصار الله، الحشد الشعبي وآخرين كسرايا الأشتر و«الفاطميون» و«الزينبيون»... وغيرها كثير) أما بقية الأدوات فهي أوراق تفاوضية تستخدمها للاحتفاظ بالميليشيات بما فيها ورقة الاتفاق النووي، إيران استعدت للإدارة الجديدة بامتلاكها عدة أوراق تسلَّحت بها للمرحلة القادمة لتتفاوض منها عدد من الرهائن الغربيين، إذ تحتجز إيران عدداً من المعتقلين الذين يحملون الجنسيات المزدوجة الأوروبية والأميركية والإيرانية، ومن خلالهم نجحت إيران سابقاً في الحصول على العديد من مطالبها، ومنها الإفراج عن إيرانيين وعودة أموالها المحتجزة.
صحيح أن إيران لا تسميهم رهائن، إنما تقول إنهم خالفوا قوانينها ومحكوم عليهم وإنها كحكومة لا تتدخل في القضاء! ولكن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف قال بنفسه قبل تنصيب الرئيس بايدن «إن إيران منفتحة على تبادل سجناء» موضحاً أنه إذا تم الإفراج عن سجناء إيرانيين في الخارج، فإن «إيران مستعدة للقيام بخطوة مماثلة».
وهذه ورقة ناجحة استخدمت في بداية عهد هذا النظام في الثمانينات حين احتجز أعضاء السفارة الأميركية، وما زال إلى اليوم (يصطاد) الرهائن الأجانب ويساوم عليهم، لا لإطلاق سجناء إيرانيين فحسب، بل يستخدمهم حتى في الاتفاق النووي كما فعل أول مرة، فإيران لوَّحت بهذه الورقة إبان إدارة ترمب في أبريل (نيسان) من عام 2018، حين زار جواد ظريف نيويورك و«أكد استعداد إيران لإطلاق سراح السجناء الأميركيين في إيران، إذا أظهر الرئيس الأميركي دونالد ترمب تغييراً في موقفه من الاتفاق النووي».
ورغم أن شبكة «إن بي سي» الأميركية نبهت إلى أن هذه القضية من شأنها تهديد خطط الإدارة المقبلة لمتابعة الدبلوماسية مع إيران، في ظل تصريحات الرئيس المنتخب جو بايدن المتعلقة بالانفتاح على تخفيف العقوبات المفروضة على طهران، حال عودة النظام إلى الامتثال للاتفاق النووي المبرم عام 2015، إلا أن إيران تحتفظ بأكثر من أميركي سجين، وسيكونون ضمن أوراق تفاوضية كما صرح بذلك جواد ظريف، وكما استخدمت إيران ذات الورقة عام 2015 في الاتفاق الأول.
الورقة الثانية هي ورقة تخصيب اليورانيوم الذي تقترب إيران من النسبة المحظورة منها، فالمسموح به كما هو معروف 4 في المائة فقط من التخصيب، لكن النظام الإيراني صرح بأنه يقترب من 20 في المائة وهي مرحلة كافية لتحوله لسلاح نووي، والزيادة في النسبة ورقة تفاوضية تحصل من خلال قبوله بتخفيض النسبة على مكتسب آخر.
الورقة الثالثة تهديد المياه الدولية والمضائق المائية من خلال تزويد ميليشيات إرهابية بالسلاح، وتهديد القوات الأميركية في العراق كما حصل في تفجيري الأسبوع الماضي أي بالإرهاب.
الورقة الرابعة مغريات بمشاريع وعقود واتفاقيات في حال رفع العقوبات، كما حدث في الاتفاق الأول مع العديد من الشركات الأوروبية.
الأهم في سياسة إيران التفاوضية أنَّ النظام الإيراني لا يبدي «حسن نوايا» أبداً قبلها، فهو تكتيك خاسر، النظام يمسك أوراقه الابتزازية ويمنحها ورقة ورقة مقابل كل ورقة مكسب، إنما يمنحها بعد حصوله على المكسب لا قبله.
فلا إطلاق سراح، ولا توقف عن تزويد الميليشيات، ولا تعطيل لماكينة التخصيب، وحين كان قادراً على بيع النفط لم يخفض نسبته إبداء لحسن النية أبداً، كل هذه الانتهاكات القانونية يستمر بفعلها هذا النظام من دون اكتراث بفضحها أو انكشافها، لأنه يعرف أن للتفاوض حسابات مختلفة تماماً عن حسابات المصالحات الشخصية.
فرغم أنَّ المجتمع الدولي بأسره يعرف أن النظام الإيراني هو الأسوأ فيما يتعلق بالاغتيالات السياسية وما يتعلق بدعم الإرهاب، ورغم سجله الحقوقي الأسود، فإن أحداً لا يفاوضه بما يحمل هذا السجل المتخم بالضحايا، الجميع يجلسون معه ويتفاوضون، ويسمون سياستهم هذه سياسة «الاحتواء» وهي لعبة إيران المفضلة التي تجيدها وتسميها «التفاوض» إنما في الحقيقة هي لعبة «ابتزاز» لا غير!
وعليه فإن النظام الإيراني قد بدأ فعلاً مرحلته التفاوضية الجديدة بزيادة جرعة التصريحات التصعيدية من دون أدنى مبالاة بالصورة الراسخة في ذهنية الطرف المفاوض، وتصرف على أنه صاحب حق، ومن يريد أن يتعاطى معه في أي ملف عليه أن «يتفاوض» معه ولا يفرض عليها رغباته، بل إنه اشترط على جميع الأطراف الأخرى إبداء حسن النوايا إن أراد أن يتفاوض معه، وذلك لأنه يعرف أن المجتمع الدولي في نهاية المطاف يهمه أن يحصل على مكتسبات، ويحقق مصالح ولا يعنيه أن يتحسن أداء أي نظام في ملف الحقوق الإنسانية أو يتوقف عن دعمه للإرهاب، ولنتذكر أن النظام الإيراني لا يقدم هدايا مجانية أبداً.
هكذا سيبدأ النظام الإيراني التعاطي مع الإدارة الأميركية الجديدة... فهل ينجح فيما نجح فيه سابقاً؟

 

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

كيف استعدت إيران للتفاوض كيف استعدت إيران للتفاوض



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab