قراءة من زاوية إيرانية

قراءة من زاوية إيرانية

قراءة من زاوية إيرانية

 العرب اليوم -

قراءة من زاوية إيرانية

بقلم : أمل عبد العزيز الهزاني

إن قرأنا الأحداث من الزاوية الإيرانية، سنفهم السبب الذي دعاها إلى تنفيذ أو التخطيط والاشتراك في تنفيذ العمل الإرهابي من خلال عملائها، على معامل شركة «أرامكو» في بقيق وخريص في السعودية، سنرى الأسباب بلا تشويش أو غموض.

كيف حال إيران منذ عام؟ عام فقط. القرار الأميركي بتصفير الصادرات النفطية الإيرانية كان قراراً كارثياً بالنسبة لطهران؛ لأنه انتزع منها أهم أسلحتها، وهو المال الذي تنفقه على ميليشياتها وشراء ذمم عملائها من الدول العربية وغير العربية، وبرامجها الصاروخية. ثم إدراج «الحرس الثوري»، الذي هو بمثابة شركة عسكرية ضخمة لوجيستياً ومالياً، على قائمة الجماعات الإرهابية؛ مما اضطر دول أميركا اللاتينية، وبخاصة فنزويلا إلى التوقف جزئياً عن التعامل مع «حزب الله». والدول اللاتينية هي الغرفة الخلفية التي يتم فيها إنتاج عوائد تجارة المخدرات وغسل الأموال، لكن الخوف من العقوبات الأميركية جعلها تتراجع بعد تتبع الاستخبارات مسارات التجارة القذرة. اضطرت إيران خلال هذا العام، إلى تسيير سفينتها المحملة بالنفط من مضيق هرمز، مروراً بالقرن الأفريقي، ثم رأس الرجاء الصالح، حتى جبل طارق لدخول البحر الأبيض المتوسط والوصول لسوريا! مليونا برميل نفط تطلب هذه الرحلة الطويلة والشاقة ومع هذا تم رصدها. «حزب الله»، اليد اليمنى للنظام الإيراني في المنطقة العربية وضع صناديق للتبرع، ودعا أتباعه لمنحه مساعدات مالية بسبب الضائقة التي يمر بها. وأخيراً، طار وزير الخارجية الإيراني جواد ظريف إلى مدينة بياريتس خلال اجتماع قمة السبع، ليعرض على الأوروبيين صفقة يتم فيها التزام إيران بالاتفاق النووي مرحلياً مقابل 16 مليار دولار! ثمن بخس، إن تذكرنا أن فور توقيع الاتفاق النووي في 2015 تسلمت طهران سيولة مقدارها 100 مليار دولار! هذا هو حال إيران منذ عام.

حال غير مسبوقة للنظام الإيراني، موت تدريجي للنظام، لم يُترَك لها خيار للحفاظ على هيمنتها وعبثها في الدول العربية سوى أن تفجر الوضع بقرصنة السفن وتهديد الملاحة، ثم أخيراً العملية الإرهابية التي أربكت العالم باستهداف معامل «أرامكو»، والتسبب في توقف نصف إنتاج الشركة. عمل رهيب، لكن علينا ألا ننسى أنه رهيب لأن الوضع في طهران رهيب. السبب في تردي حال نظام إيران هو العقوبات، والعقوبات فقط لا غير. الفكرة لديّ، وقد ذكرتها في مقال سابق، أن العقوبات تؤثر بشكل عميق، والاستمرار في فرض عقوبات أكثر حدة قد يتسبب في ردة فعل إيرانية عنيفة، لكنه علاج موجع. والجدير بذكره، أن العقوبات النوعية هي الرادعة، مثل تصفير الإنتاج النفطي، وتعطيل البنك المركزي من التعاملات الدولية، ووضع «الحرس الثوري» على قائمة الإرهاب. مثل هذا المستوى من العقوبات، وليست تلك المفروضة على أرصدة بعض الشخصيات، هي التي تمثل ضغطاً فعلياً على النظام.

السعودية استطاعت في وقت وجيز حل معضلة الإنتاج الذي توقف، وطمأنت العالم وأعادت أسعار النفط الخام إلى وضعها قبل الحادثة، بعدما قفزت نحو ستة دولارات على أثر المخاوف من توقف الإمدادات لمدة غير معلومة.

الآن السؤال الذي يراودنا جميعاً، ما العمل؟ السياسة السعودية هادئة ومتزنة، لا يثيرها حتى استهدافها المباشر، ولأن لديها أكثر من خيار على المديين المتوسط والبعيد؛ فهي تتدارس خياراتها مع أصدقائها من الدول الكبرى، التي سارعت لتقديم تأييدها ومساعدتها لكل ما تقرره الرياض في هذا الشأن.

في مقال سابق بعد أن بدأت القوارب الإيرانية باستهداف الملاحة في الخليج ذكرت أن العقوبات هي الكابوس الذي تحاول إيران أن تصحو منه من خلال أعمال استفزازية قد تؤدي إلى نشوب حرب في المنطقة، في العراق مثلاً؛ كونها المنطقة الرخوة التي قد تستعملها إيران في استهداف المملكة، لكن ليست حرباً مباشرة معها. وهذا إن حصل فسيكلف كثيراً من النفقات العسكرية، ويتسبب في تهديد أمني إلى أجل غير مسمى، وهو ما تسعى إليه طهران للضغط على إدارة الرئيس ترمب لمفاوضات جديدة مباشرة أو غير مباشرة تخفف عنها العقوبات. الولايات المتحدة لديها عقدتان في المنطقة؛ العراق وأفغانستان؛ لأنها بدأت فيهما حرباً لم تنتهِ حتى اليوم رغم الاستقرار النسبي الذي يبدو في العراق، لكن واشنطن تدرك أن عراقاً تحت مظلة إيرانية لن يكون آمناً ولا مستقراً.

السيناريوهات العسكرية المطروحة تتمثل في حرب مباشرة مع إيران وهذا السيناريو مستبعد لأنه غير مأمون النتائج، أو ضربات محدودة لمنشآت نفطية لا تعمل أصلاً وسيكون بمثابة عمل رمزي، أو ضربات لمراكز بحثية نووية لا تؤدي إلى تلوث بيئي وهذا يتطلب دقة. والواقع أن أياً منها غير مأمون النتيجة. كما أن استراتيجية الحروب اليوم اختلفت، لم تعد في الاشتباك المباشر، بل كما تفعل إيران، بأذرعها وأفرعها وعملائها. السعودية لديها خيارات متعددة سيحددها أهل الاختصاص، إنما ما يمكن قوله إن على القوى الكبرى التي تقف مع المملكة، وبخاصة الولايات المتحدة. الاستمرار في فرض مزيد من العقوبات الموجعة والمباشرة، وليست الرمزية، حتى وإن كررت إيران أفعالها الإرهابية لن يحسم معركتنا معها سوى الموت البطيء الذي تعيشه اليوم.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

قراءة من زاوية إيرانية قراءة من زاوية إيرانية



الملكة رانيا تربعت على عرش الموضة بذوقها الراقي في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 09:35 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

طريقة طهي الخضروات قد تزيد خطر الإصابة بأمراض القلب

GMT 18:25 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

إخلاء تجمع سكني في تل أبيب بعد وقوع حادث أمني

GMT 08:49 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

بوستر أغنية مسابقة محمد رمضان يثير الجدل

GMT 12:55 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

شمس البارودي تتحدث للمرة الأولى عن رحيل زوجها وابنها

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو

GMT 06:53 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

إيران تتراجع عن تسمية شارع في طهران باسم يحيى السنوار

GMT 10:27 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

عيد بيت لحم غير سعيد

GMT 10:33 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

نيولوك الإخوان وبوتوكس الجماعة

GMT 10:34 2024 الأربعاء ,25 كانون الأول / ديسمبر

لِنكَثّف إنارة شجرة الميلاد

GMT 06:50 2024 الثلاثاء ,24 كانون الأول / ديسمبر

المجوهرات العصرية زيّنت إطلالات الملكة رانيا في 2024

GMT 08:41 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

ماجد الكدواني يواصل مُغامراته في"موضوع عائلي"

GMT 22:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أحمد حاتم يكشف مفاجأة حول إطلالاته الأخيرة

GMT 23:00 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

حقيقة زواج سمية الخشاب في العام الجديد

GMT 08:44 2024 الخميس ,26 كانون الأول / ديسمبر

رامي صبري يوجّه رسالة لتامر حسني وهو يردّ

GMT 22:56 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

تامر حسني يمازح الجمهور بعد مروره بموقف طريف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab