مسألة بسيطة في لندن

مسألة بسيطة في لندن

مسألة بسيطة في لندن

 العرب اليوم -

مسألة بسيطة في لندن

بقلم - سمير عطا الله

طلب مني صديق عزيز مساعدته في «مسألة بسيطة»، هي أن أنصحه بسائق «ابن أوادم» يعمل لديه لمدة أسبوعين في لندن. وقلت للصديق إن «المسألة بسيطة»؛ لكن الطلب صعب. فقد تركت لندن منذ عشرين عاماً، ولا بد من أنها تغيرت كثيراً بقدر ما تغيرت. وفي أي حال، دعني أسأل أصدقائي هناك.
أجريت الاتصالات اللازمة والحمد لله على التوفيق. سافر الصديق إلى لندن، ووجد في انتظاره في المطار السائق الآدمي، وسيارة لائقة، وخبرة ربع قرن في العاصمة البريطانية. ولما لم يتصل الصديق بي، اعتبرت المسألة البسيطة مسألة منتهية أيضاً.
لكن بعد أسبوع، جاءني صوت الصديق عبر ريح بريطانية ولهجة بيروتية: شو عملت فينا؟ وارتعدت خوفاً. وسألت: ماذا فعلت؟ قال: «كل لندن، ما فيها إلا هالشوفير؟» قلت: «أكيد فيها؛ لكنني للأسف لا أعرفهم جميعاً. وفي أي حال، ما المشكلة؟ بماذا أخطأ الشوفير؟».
قال: الحقيقة لا شيء مهماً. أخلاق ممتازة ومؤدب، وخصوصاً مع العائلة؛ لكنه كثير الكلام. كلما رأى سيارة مخالفة قال ساخراً: «تفضل. القانون اللبناني وصل إلى هنا». وإذا مررنا بمبنى، قال إنه يتسبب في عرقلة السير. وإذا توقفنا عند إشارة ضوئية شرح لنا إلى أين تؤدي الشوارع المحيطة. وإذا شاهد لافتة منزل للبيع شرع في محاضرة حول أسعار العقارات في لندن. يبدأ الكلام عندما نصعد إلى السيارة ظهراً، ولا يتوقف إلا عندما يتركنا عند منتصف الليل.
كان يتحدث مؤنباً وأنا أسائل نفسي: كيف ارتكبت ذلك الخطأ؟ أي كيف تطوعت؟ أو كيف قبلت أن أتطوع، ما بين لندن وبيروت، لأدخل عالماً جديد لا أعرفه من قبل، هو المساعدة في توظيف السائقين المشتاقين إلى الكلام لدى رجال الأعمال المشتاقين إلى لندن.
عندما توقف الصديق أخيراً عن الرشق الكلامي، اعتذرت منه. وسألته: آسف، هل من خدمة أخرى؟ قال بكل هدوء: «بعد، باقٍ لنا في لندن أسبوع آخر. هل تستطيع مساعدتنا في العثور على شوفير ثانٍ؟» قلت: «الآن تذكرت. عندي أعظم شوفير في بريطانيا، وسوف تتمتع معه أنت والعائلة بجولة لندنية لم تعرفها في حياتك. يتوقف عند القصور الكبرى ويروي لك تاريخها. يأخذك إلى برج لندن ويروي لك قصصه ورؤوسه المقطوعة. يمر بك بكل المسارح ويعدد ما عرض فيها منذ 500 عام إلى اليوم. وأكثر من ذلك. إن عربته يجرها حصانان، وتسير في المدينة على مهل، وفي نقاء بدل الوقود الموبوء».
صمت صديقي طويلاً حتى خلت أن دهراً مضى. ثم قال:
- عم تمزح؟
- أبداً.
- ومين هو هيدا الشوفير؟
- وليم شكسبير.

 

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مسألة بسيطة في لندن مسألة بسيطة في لندن



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 05:31 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

نتنياهو يسعى لتعطيل المرحلة الثانية من اتفاق غزة
 العرب اليوم - نتنياهو يسعى لتعطيل المرحلة الثانية من اتفاق غزة

GMT 13:14 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

بريطانيا تطالب بضمان مستقبل الفلسطينيين في وطنهم
 العرب اليوم - بريطانيا تطالب بضمان مستقبل الفلسطينيين في وطنهم

GMT 12:53 2025 الأربعاء ,05 شباط / فبراير

محمد هنيدي يخوض تجربة فنية جديدة في السعودية
 العرب اليوم - محمد هنيدي يخوض تجربة فنية جديدة في السعودية

GMT 03:57 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

الرياض تحتضن دمشق

GMT 07:34 2025 الثلاثاء ,04 شباط / فبراير

زلزالان بقوة 4.7 درجة يضربان بحر إيجه غرب تركيا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab