الرحّالون في القيد

الرحّالون في القيد

الرحّالون في القيد

 العرب اليوم -

الرحّالون في القيد

سمير عطا الله
بقلم : سمير عطا الله

تُذكِّر العزلة الإرغامية التي أدخل العالم فيها منذ مارس (آذار) الماضي، بيوم كان هذا العالم في عزلة طبيعية. يوم كانت البواخر قليلة ولا طائرات في الجو، والقوافل خطرة وبطيئة. لذلك، كانت الناس في كل مكان تتشوق لمعرفة المجاهل التي لا تعرف عنها شيئاً. وتولى نوع جديد من الأدباء هذه المهمة: الرحالة.
كان هؤلاء يتحملون المخاطر والمشاق والصعاب الكبرى، لكي يصغوا لغير القادرين على السفر ما رأوه من مشاهدات غريبة وما عانوه من مصاعب. ولم يكن هناك مفر من إضافة شيء من الخيال، أو أحياناً الخيال كله، من أجل المزيد من الإثارة. ومع الوقت تحول السفر إلى صناعة أدبية بذاتها. وتمتع المقيمون بآداب المغامرين. وتحولت أعمال مثل «مغامرات روبنسون كروزو» لدانيال ديفو إلى أعمال كلاسيكية تزداد أهميتها مع السنين. ويدخل في هذا التصنيف روائع عالمية مثل رحلة ابن بطوطة وبعض «ألف ليلة وليلة» و«المسالك والممالك» و«عجائب المخلوقات» وغيرها.

في القرن التاسع عشر ظهر نوع جديد من الرحالة: المراسل المتجول. وبرز عدد من المغامرين ثم المهنيين الذين مزجوا الصحافة بالأدب. وكان أبرزهم في القرن العشرين الأميركي أرنست همنغواي والفرنسي أندريه مالرو والبولندي رزيارد كابوشنسكي. وقيل عن الثلاثة إن الكثير من أعمالهم كان تخيلات لكنها كانت صوراً جميلة وأعمالاً رائعة.
في العالم العربي كان محمد حسنين هيكل أكثر من حاول هذا النوع من الأدب في بداياته الصحافية عندما عمل مراسلاً متجولاً بإمكانات قليلة ومخيلة كبرى. ويقول صديقه الأديب البريطاني دزموند ستيوارت، إن هيكل مرّ لبضع ساعات في كوريا أثناء الحرب هناك، لكنه أمضى أياماً يكتب الحلقة بعد الأخرى. ولم يتخل هيكل أيضاً عن الأسلوب الشاعري والإفاضة الأدبية في كل كتاباته السياسية.
لعل الراحل أنيس منصور هو الصحافي العربي الوحيد الذي لم يتخل عن صحافة السفر والترحل حتى يومه الأخير. لكنه ابتعد عن أسلوب هيكل الوردي، أو البلاغي، في اعتقادي لسببين: الأول أنه طالب و(أستاذ) فلسفة تتحكم به الفرضية الديكارتية القائمة على المباشرة المنطقية، والثاني أن الصحافة نقلته إلى كتابة العمود المختصر، الذي يفرض على الكاتب الاجتهاد (وأحياناً العناء) في الاقتضاب بدل الإفاضة.
منعت «كورونا» الصحافيين والمراسلين من السفر. وجعلت العالم يتلقف أخبار البلدان الأخرى من محاجره، كما كان يفعل في قديم الزمان. وأحداث «كورونا» لا يُسافر إليها مثل الحروب، بل يُسافر عنها. لا همنغواي ولا مالرو.

 

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الرحّالون في القيد الرحّالون في القيد



GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 21:53 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

زينة وباسم سمرة معاً في الدراما والسينما في 2025
 العرب اليوم - زينة وباسم سمرة معاً في الدراما والسينما في 2025

GMT 20:36 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الأمير الحسين يشارك لحظات عفوية مع ابنته الأميرة إيمان

GMT 02:56 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

النيران تلتهم خيام النازحين في المواصي بقطاع غزة

GMT 17:23 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إنتر ميلان الإيطالي يناقش تمديد عقد سيموني إنزاجي

GMT 16:59 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نتنياهو يتوعد الحوثيين بالتحرّك ضدهم بقوة وتصميم

GMT 17:11 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

اتحاد الكرة الجزائري يوقف حكمين بشكل فوري بسبب خطأ جسيم

GMT 02:52 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

مقتل 10 ركاب وإصابة 12 في تحطم طائرة في البرازيل

GMT 06:45 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

انفجار قوي يضرب قاعدة عسكرية في كوريا الجنوبية

GMT 17:04 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

.. قتلى في اصطدام مروحية بمبنى مستشفى في تركيا

GMT 11:24 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

إطلالات أروى جودة في 2024 بتصاميم معاصرة وراقية

GMT 10:40 2024 الإثنين ,23 كانون الأول / ديسمبر

الكرملين ينفي طلب أسماء الأسد الطلاق أو مغادرة موسكو
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab