هوية غير قاتلة

هوية غير قاتلة

هوية غير قاتلة

 العرب اليوم -

هوية غير قاتلة

بقلم - سمير عطا الله

في الماضي كان كل أدب يأتي من الاتحاد السوفياتي أدباً روسياً، لأنه بكل بساطة، مكتوب باللغة الروسية. بل حتى قبل الاتحاد السوفياتي، وفي أيام الإمبراطورية الروسية، لم يخطر لأحد أن يفصل بين اللغة والمكان. الآن، ومع تزايد العداء بين روسيا وأوكرانيا، مثلاً، ننتبه إلى أن أسماء بعض العمالقة في الأدب الروسي كانت من أوكرانيا، مثل غوغول، وأنطون تشيكوف. يشبه الجوار الأوكراني لروسيا الجوار الآيرلندي لبريطانيا. لغة واحدة وتراث أدبي واحد وانفصال اجتماعي تاريخي لا نهاية له. لو كتب جيمس جويس وجورج برنارد شو وصامويل بيكت باللغة الأم لما تعدت شهرتهم العاصمة دبلن. إلا أن الكتابة بالإنجليزية جعلتهم يضعون دبلن على رأس المدن الأدبية في العالم.
هل الإنسان ابن اللغة أم ابن الجذور؟ لا أحد منّا كان يعرف أن ألكسندر سولجنتسين كان من أصول أوكرانية وهو يخوض في موسكو أعنف معاركه ضد الإرث الستاليني. بل ربما كان عنصراً مهماً من عناصر سقوط النظام السوفياتي. عندما أصبح ألكسندر بوشكين شاعر روسيا الأكبر، لم يعد أحد يتذكر أنه من أصول أفريقية. ولا أديب فرنسا ألكسندر دوما الذي كان أجعد الشعر داكن الملامح كعلامة لا تضيع، ولطالما عانى من ذلك رغم نجاحه الكبير.
إذن، يهاجر الإنسان إلى اللغة، لا إلى بلد آخر. جورج سيمونون هو أشهر (وأهم) كاتب بوليسي بالفرنسية، لكنه من بلجيكا المجاورة. وأحمد شوقي، أمير الشعراء العرب، كان كردياً. تخيل لو كان يكتب بالكردية أيضاً، «قف باللواحظ عند حدك».
أنكر الجزائريون على ألبير كامو، أنه اختار لغته بدل أرضه. كم هو الاختيار محنة في بعض الحالات. لكن أمين معلوف، صاحب التحفة الإنسانية «الهويات القاتلة»، تجنب هذا الامتحان منذ اللحظة الأولى: إنه مواطن في دولتين وثقافتين وحضارتين. ولا أعتقد أن رجلاً مثله يقتصر انتماؤه على هذه المساحة اللغوية أو الجغرافية. تسير جميع أعمال أمين الروائية والتاريخية على منوال واحد هو الإنسان الواحد. لم يفصل اللغة عن الهوية. أو بالأحرى، عن الهويتين.
احتضنت فرنسا الكثيرين من مشاهير العالم وأبقت لهم هوياتهم. أشهر هؤلاء كان بيكاسو، الذي ينتمي في الأساس إلى الرسم، تلك اللغة الكونية مثل الموسيقى.
حتى العامية منحت هويتها أيضاً، كما حدث في مصر، حيث أصبح العراقي نجيب الريحاني أهم ممثل كوميدي في البلاد. من دون «اللغة» المصرية كان لا يزال يبحث عن عمل على أبواب المسارح. ولو كتب بيرم التونسي بلهجته الأم لكان أهل مصر يتساءلون حتى الآن: بيقول إيه الجدع ده؟

 

arabstoday

GMT 08:40 2025 الأحد ,12 كانون الثاني / يناير

جانب فخامة الرئيس

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

هوية غير قاتلة هوية غير قاتلة



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 12:06 2025 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

أنغام في أول حفل بعد أزمة عبد المجيد عبدالله
 العرب اليوم - أنغام في أول حفل بعد أزمة عبد المجيد عبدالله

GMT 12:06 2025 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

أنغام في أول حفل بعد أزمة عبد المجيد عبدالله

GMT 11:50 2025 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

منة شلبي تكشف حقيقة زواجها سرّاً

GMT 11:53 2025 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

يسرا اللوزي تكشف أسلوبها في التعامل مع التنمر

GMT 11:59 2025 الإثنين ,27 كانون الثاني / يناير

روجينا توجّه رسالة مؤثّرة لرانيا فريد شوقي

GMT 06:42 2025 الثلاثاء ,28 كانون الثاني / يناير

غوغل تكشف موعد تغيير تسمية خليج المكسيك

GMT 15:48 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

محمد إمام يشعل مواقع التواصل برسالته لعمرو دياب

GMT 15:45 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

هيدي كرم تعلن رأيها في عمليات التجميل

GMT 15:52 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

رانيا فريد شوقي تردّ على التنمر بها
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab