بقلم - سمير عطا الله
تنازع الإسكندر ذو القرنين ودارا الثالث ملك الفرس محاولة السيطرة على العالم. لم يستخدما القوة العسكرية فقط، بل الفجاجة الخطابية أيضاً. تميّز الإسكندر ببراعة حربية فائقة وشجاعة شخصية هائلة.
الرسائل الواردة هنا كانت بينه وبين دارا الثالث، الذي ارتقى عرش دولة كورش في السنة نفسها التي ارتقى فيها الإسكندر عرش مقدونية (336 ق.م) وهي منقولة من كتاب «روضة الصفا» للمؤرخ الفارسي ميرخواند (1433 - 1498م). وقد ورث عن والده حكم بلاده بعد موت أبيه. بعد سنتين من توليته العرش عبر مضيق هلسبنت (الدردنيل) على رأس ثلاثين ألفاً من المشاة، وخمسة آلاف من الفرسان، ونال أول نصر على جيوش الفرس في موقعة نهر غرانيكوس. وعلى أثرها، فتحت أبواب مدن آسيا الصغرى له. هال لدارا تقدمه، فكتب لعامله في طرسوس يقول: «وصلت إلى مسامعنا...
عن لص جمع حوله طائفة كبيرة من اللصوص أمثاله واتخذ طريقه إلى بلادنا. وقد كتبت هذا إليك لآمرك أن تلقي القبض على جميع من معه، وتُلقي بهم هم وأسلحتهم وماشيتهم في البحر. أما زعيمهم فأرسله إلينا مكبلاً بالأغلال». وختم دارا بتهديد شديد لعامله إذا توانى عن قيامه بواجبه.
ولما عاد الإسكندر من أرمينيا نزل على نهر غرانيكوس، فهدد بذلك مركز دارا. فأرسل إليه الأخير هذه الرسالة:
«(من دارا إلى الإسكندر)... من عاصمة ملوك العالم، ليعلم الإسكندر اللص... الخ. ما دامت الشمس تشرق على رأسه، أن مالك السماء قد وهب لي مُلك الأرض، وأن الله القادر على كل شيء قد منحني أركانها الأربعة، وأن العناية قد خصتني بالمجد والرفعة والجلال، وبعدد لا حصر له من الأنصار والأحلاف.
وقد ترامي إليّ أنك جمعت حولك طائفة من اللصوص وأرذال الخلق، وأن كثرتهم قد أعجبتك وغرّتك، فأردت أن تستعين بهم ليكون لك تاج وعرش، ولتخرب ملكنا وتدمّر أرضنا وتهلك شعبنا. أما الحركة الإجرامية التي أقدمت عليها فلا تخش من أجلها بطشنا وعقابنا، لأنك لم تصبح بعد في أعداد أولئك الذين يستحقون غضبنا وانتقامنا. وها أنا أرسل إليك صندوقاً مملوءاً بالذهب، وحماراً محملاً بالسمسم لتعرف منهما مقدار ما لدي من مال، وما لي من سلطان. ومع هذه الهدية سوط وكرة، فأما الكرة فلكي تلهو بها اللهو الخليق بسنك، وأما السوط فلتعذب به نفسك».
كاد الإسكندر يقطع رؤوس حاملي الهدايا لولا تدخل رجال حاشيته. فكتب إلى دارا الرسالة التالية:
«... متى تقر لي بالغلبة وتذوق مرارة انتصاري؟».
إلى اللقاء...