تجربة العمل والحياة

تجربة العمل والحياة

تجربة العمل والحياة

 العرب اليوم -

تجربة العمل والحياة

بقلم -سمير عطا الله

من باب التواضع، يسمّي عبد العزيز خوجة مذكّراته «التجربة»، متحاشياً التدليل على حكاية عمر حافل في السياسة والدبلوماسية والشِّعر والأدب وخصوصاً خصوصاً، في العلاقات الإنسانية. والمذكّرات قسمان، أوّلها الطفولة في مكّة، حيث يصوّر شاعر الدبلوماسية بوداعته، حكاية عائلة بسيطة: أبٌ يسعى من خلال دكّان بسيط، برد الشتاء وحرّ الصيف، ويمتنع حتى عن برودة الطائف في الأشهر القائظة، من أجل أن يوفّر لأبنائه الحياة الكريمة والعِلم. وتضرب العائلة المأساة غير مرّة، لكنّها تجد في مواجهتها أباً حامياً وأمّاً حاضنة كما تحتضن الطيور أفراخها.

يجتذبك عبد العزيز خوجة، في القسم الأوّل من المذكّرات، حتى تكاد تنسى أنّك مقبل على تجربة سياسية نادرة ومثيرة. سرده شِعر ونثر ومشاعر بلا حدود. وما بين الأحزان والفقدان تكاتف، محزن هو أيضاً، لشدّة صدقه. وكأنّما يريد الراوي أن يقول للذين عرفوه شاعراً أنّه شاعر في نثره أيضاً. وأحياناً شاعر مضاعف، وهو يجول في أرجاء مكّة في تلك المرحلة من الأربعينات والخمسينات، بل حتى عندما يذهب طالباً إلى القاهرة. فالفتى المبتعَث إلى دراسة الكيمياء، يجد نفسه تائهاً في مدينة الشِّعر والأدب والغناء. ويكتشف بعد حين أنّ مصر سوف تخطفه من واجبه إلى شغفه. فيتّخذ القرار الصعب بالعودة إلى جامعة الرياض، بعيداً عن ضفاف النيل وما حول تلك الضفاف، ليتخرّج دكتوراً في الكيمياء، ومن ثم مدرّساً للمادّة.

لكنّ القدر ما لبث أن أعاده إلى عالم الفكر والأدب والثقافة، وكيلاً لوزارة الإعلام، إلى جانب أحد كبار الإعلاميين السعوديين، الشيخ محمد عبده يماني، نسيبه وصديقه. وبكلّ تواضع، يتحدّث عبد العزيز خوجة عن المحطّات التي تعلّم عندها أمثولات الحياة والعمل. أوّلاً في الجامعة، ثم في الإعلام، ثم في الخارجية، حيث شغل منصب السفير في مراكز سياسية شديدة الأهمّية، ما بين تركيا، وموسكو، والمغرب، ولبنان.

 كانت المرحلة الدبلوماسية مليئة بالأحداث. وعندما ذهب إلى الرئيس التركي تورغوت أوزال يودّعه ويبلغه أنّه منتقل إلى موسكو، ضحك الرئيس الصديق وقال له: «كنّا نتمنّى أن تبقى معنا مدّة أطول. ولكن ما دمت مسافراً، فأسرع في الوصول إلى موسكو قبل أن يسقط ما تبقّى من الاتحاد السوفياتي». وبالفعل، قبل أن يعثر السفير الجديد على مبنى لسفارته، ويقدّم أوراق اعتماده، كان الاتحاد السوفياتي قد انهار وقام مكانه الاتحاد الروسي. ولذلك تعيّنت عليه العودة إلى الرياض لإعداد أوراق اعتماد جديدة. يخلط السفير الجدّية القصوى بلحظة الدعابة الساخرة من النفس. يتّصل به الملك فهد عند منتصف الليل ليسأله عن تطوّرات الوضع في المواجهة بين الرئيس بوريس يلتسن والمعتصمين في البرلمان. ولمّا لم يكن لديه ما يقوله، أجاب بأنَّ يلتسن سوف يهاجم البرلمان بعد نصف ساعة. وكانت زوجته إلى جانبه فقالت له: «ماذا فعلت؟ من أين أتيت بمدّة الإنذار هذه؟» فجلس يندم ويقلق ويعدّ اللحظات. وبعد نصف ساعة بالضبط، كانت الدبابات الرئاسية تهاجم البرلمان. وبعد لحظات أيضاً، اتّصل الملك فهد من جديد يثني على سفيره وسعة اطّلاعه. «التجربة» قطاف ممتع في الشِّعر والسياسة والسرد.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

تجربة العمل والحياة تجربة العمل والحياة



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 22:00 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله
 العرب اليوم - كريستيانو رونالدو يدرس تأجيل اعتزاله للعب مع نجله

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 06:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

1000 يوم.. ومازالت الغرابة مستمرة

GMT 09:46 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الفستق يتمتع بتأثير إيجابي على صحة العين ويحافظ على البصر

GMT 15:49 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الاتحاد الأوروبي يؤجل عودة برشلونة إلى ملعب كامب نو

GMT 14:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئاسة الفلسطينية تعلّق على "إنشاء منطقة عازلة" في شمال غزة

GMT 06:27 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يصدر تحذيرا لـ3 مناطق في جنوب لبنان

GMT 12:26 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الجنائية الدولية تصدر مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت

GMT 13:22 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

الرئيس الإيراني يناشد البابا فرانسيس التدخل لوقف الحرب

GMT 13:29 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

رئيس دولة الإمارات وعاهل الأردن يبحثان العلاقات الثنائية

GMT 14:18 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

شيرين رضا خارج السباق الرمضاني 2025 للعام الثالث علي التوالي

GMT 06:52 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نتنياهو يعلن عن مكافأة 5 ملايين دولار مقابل عودة كل رهينة

GMT 14:17 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نادين نجيم تكشف عن سبب غيابها عن الأعمال المصرية

GMT 09:07 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

"نيسان" تحتفي بـ40 عامًا من التميّز في مهرجان "نيسمو" الـ25

GMT 23:34 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

يسرا تشارك في حفل توقيع كتاب «فن الخيال» لميرفت أبو عوف
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab