«متعلّمة»

«متعلّمة»

«متعلّمة»

 العرب اليوم -

«متعلّمة»

بقلم - سمير عطا الله

من عادتي ألاَّ أؤخذ بقراءة الكتب التي يروّج الناشرون لها حملة دعائية خارجة على المألوف. هذه المرة كانت الحملة بأسماء نقاد محترمين، وأهل ثقة. بدأت قراءة «متعلمة» للأميركية تارا وستوفر، فوجدت الموضوع مثيراً. إنه سيرتها منذ الطفولة في ولاية أيداهو، وسيرة عائلتها التي تنتمي إلى طائفة «المورمون» شديدة التزمت: العلم شرع، المدرسة سجن، عربة الخيل خير من السيارة، والآلة خطيئة.

كلما قرأت، رأيت عمق النقاد، وموضوعيتهم. نص كثيف، مفصّل إلى درجة متعبة. وفصول واقعية أكثر درامية من المخيلات. وسرد متدفق مثل نهر في يوم عاصف.

فتاة لم تُرسل يوماً إلى مدرسة، ولم يعاينها طبيب، ولم تحصل على تذكرة هوية إلى أن بلغت السادسة عشرة من العمر. أما أهلها، فكانوا يتأملون الأحداث كل يوم، في انتظار نهاية العالم.

بعد بلوغها السادسة عشرة، اتخذت أهم قرار في حياتها، سوف تترك المنزل والوالد الفظ، وتخرج إلى العالم طلباً للعلم. للاختصار الشديد، انتهى بها الأمر «زميلة» في هارفارد، ودكتوراه في التاريخ من جامعة كمبردج.

تحدثت وستوفر في مذكراتها عن صراع العائلة، وعن شقيق أساء معاملتها، ولكن العائلة نفت ذلك، وقالت إن الشيطان يسيطر على سلوك الناس في قرية كليتون (259 نسمة).

لم أستطع أن أقرأ جميع فصول «متعلمة». النص أثقل من الطاقة على الاحتمال. نص جميل، خارق أحياناً، لكنه مكئِب، ومعذِّب ومضنٍ. كنت أترك الكتاب بسرعة كأنني أرميه - لا عودة إليه. لكنني لا ألبث أن أعود إليه مثل حكايات المسحور الذي تناديه حوريات البحر.

قال بيل غيتس عن الكتاب «إنه قصة ملهمة حقاً». وقال آخرون إن أحداً لم يرسم طفولته بمثل هذا الأسلوب. لكن تارا وستوفر تذكرك بالمناخات الحزينة في الأعمال الكبرى، مثل البؤساء. ولا تسمح لك بالبقاء محايداً أمام روعة السرد. وإذا كان حالك مثل حالي، عين على أخبار لبنان، وعين على أخبار غزة، لن يكون في مقدورك إلا أن ترمي الكتاب. من دون عودة.

خرجت مهزوماً في الصراع مع الكتاب. ومتحسراً لأنني لا أستطيع قراءة هذه التحفة الإنسانية. ربما أفعل ذلك ذات يوم. عندما لا يكون يأسنا مطلقاً من الحالة البشرية. عندما يتذكر الإنسان أن الآخر ليس ذبابة، أو بعوضة. وعندما يدرك أن الحروب لا تخاض بجثث الأطفال.

arabstoday

GMT 01:19 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

هوامش قمة البحرين: كثر الكلام وقل الخبز

GMT 01:12 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

أزمات الحوار الديني والاستراتيجي

GMT 01:10 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

الجامعات الغربية: غزو مزدوج

GMT 01:07 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

ماذا يفعل وزراء التعليم؟

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

«متعلّمة» «متعلّمة»



أجمل إطلالات الإعلامية الأنيقة ريا أبي راشد سفيرة دار "Bulgari" العريقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:01 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

الكشف عن موعد إطلاق سيارة كروس روسية جديدة
 العرب اليوم - الكشف عن موعد إطلاق سيارة كروس روسية جديدة

GMT 01:03 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

السودان... العودة المنتظرة

GMT 14:29 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

قصف مدفعي إسرائيلي على وسط رفح الفلسطينية

GMT 04:07 2024 الخميس ,16 أيار / مايو

فيضانات عارمة تضرب شرق إيران

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,15 أيار / مايو

أحمد حلمي يخطو أولى خطوات عودته الى السينما
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab