خذني إلى كوالالمبور

خذني إلى كوالالمبور

خذني إلى كوالالمبور

 العرب اليوم -

خذني إلى كوالالمبور

بقلم - سمير عطا الله

عندما تضطر إلى الاعتماد كثيراً على همة سائقي التاكسي المتعددي الجنسيات، تكثر عليك المفاجآت. وبدل أن أترك نفسي لانهيار عصبي، قررت أن أجرب لعبة «الكاميرا الخفية» مع السادة القادمين من شبه القارة الهندية والقارة الأفريقية وكاب فيردي على المحيط الهندي. مثلاً، عندما أصعد في المقعد الخلفي، أقول للسائق: كراتشي! منهم من يقلع مسرعاً ثم يتطلع فجأة: أين؟ ومنهم يضحك، ومنهم من يغضب.
والظريف فيهم ضحك وقال: عليك أخذ السيارة التالية، فهذه تذهب فقط إلى كوالالمبور.
الفصل الآخر في «الكاميرا الخفية» كان في العودة إلى الفندق، لا في الخروج منه. فعندما أصل يكون العداد قد سجل 60 درهماً، لأنني أرمي للسائق ورقة الخمس دراهم، وأهم بالنزول. منهم من يحمل الورقة غاضباً: ما هذا؟ منهم من يصرخ. منهم من يعتقد أنه أمام مختل أو مجرم، ومنهم من يضحك عالياً ويسألني إذا كنت قد ذهبت إلى كوالالمبور من قبل.
وذات مرة عرض عليّ أحد هؤلاء عرضاً لا يُرفض: يأخذني إلى أي مكان أريد، ساعة أريد، لقاء أجر مقطوع. بالإضافة إلى المشكلة العامة، أي اللغة، كانت هناك مشكلة أخرى، أو مأساة أخرى: الرجل لا يعرف دبي. ولذلك لا بد من استخدام دليل.
لكن الرجل لا يعرف استخدام الدليل «GPS» أيضاً. وفي أول رحلة لي معه تمتعت برؤية دبي الجديدة المذهلة بعد جولة في ربوعها، لكنني ألغيت موعد السهرة مع الاعتذار. حاولت معاتبة عبد الرحمن بما بقي لي من أعصاب، لكن عبد الرحمن حاول إقناعي بما يعرف من لغة سنسكريتية أن محرك «غوغل» سيئ وهو في حاجة إلى تصليح. عبثاً حاولت إقناع عبد الرحمن بأن «غوغل» يعرف عدد الأضوية على الطرقات أكثر مما يعرف أسماء زوجته. أخيراً، اعتذر وقال: أعطني فرصة أخرى. أعطيته الفرصة الأخرى شرط ألا نتحرك قبل أن يدرس الخريطة ويتأكد منها تماماً. ودامت المحنة التالية ثلاث ساعات، وعدت إلى الفندق يسبقني الانهيار العصبي. وكاد عبد الرحمن يبكي وهو يعتذر ويطلب فرصة أخيرة حقاً.
وفي التراث الشعبي الفرنسي حكاية رجل يدعى سيرانو دو برجراك، كلما زادت كذبته طال أنفه. لكن عبد الرحمن كان محصناً ضد هذا الضعف، فقد كان أنفه معقوفاً على شكل ضبع نجا من نزاع مع مجرة ذئاب.
في المحنة الأخيرة، لم يكن على عبد الرحمن سوى اتخاذ اتجاه مباشر. وضع الجوال في يده وسار. وكان يقرأ الـ«GPS» ويتحدث ويطمئنني بأننا، إن شاء الله، واصلون. وحقاً حقاً وصلنا. واستقام أنف عبد الرحمن شموخاً بعكس دو برجراك، وقال وهو ينفخ صدره في الهواء: أخيراً صلحوا «الغوغل» اللعين.

arabstoday

GMT 03:41 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

ثلثا ميركل... ثلث ثاتشر

GMT 03:35 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

مجلس التعاون ودوره الاصلي

GMT 03:32 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

عندما لمسنا الشمس

GMT 03:18 2021 السبت ,18 كانون الأول / ديسمبر

رسالة إلى دولة الرئيس بري

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

خذني إلى كوالالمبور خذني إلى كوالالمبور



GMT 13:49 2024 السبت ,22 حزيران / يونيو

محمد سعد يعود للسينما بعد غياب 5 سنوات
 العرب اليوم - محمد سعد يعود للسينما بعد غياب 5 سنوات

GMT 13:20 2024 الخميس ,20 حزيران / يونيو

التأخر في النوم يهدّد الأطفال بمرض الضغط

GMT 04:36 2024 السبت ,22 حزيران / يونيو

انسحاب الزمالك من لقاء القمة أمام الأهلي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab