دعوة إلى بغداد

دعوة إلى بغداد

دعوة إلى بغداد

 العرب اليوم -

دعوة إلى بغداد

بقلم : جهاد الخازن

فخري كريم شاعر من العراق وأحد أبرز وأهم الناشرين العرب. وعندما أذهب إلى مكتبة «بيسان» كل أسبوع، أتوجه قبل أي شيء إلى جناح «دار المدى» بحثاً عن الجديد الصادر عنها من ترجمات وأعمال. وهذا الجناح في «بيسان»، أو أجنحة «المدى» في معارض الكتاب، هو ما يُمتّن الصداقة بين فخري كريم وبيني من دون أن تسمح الظروف باللقاءات الشخصية، لأن كلينا على سفر مستمر.

قبل أيام اتصل بي وقال: «نريد دعوتك إلى بغداد؛ فهل تأتي؟». وأجبت على الفور: «أعتذر». لم يردّ ولم أبرر، وانتهت أسرع مكالمة بين صديقين. قبل سنوات طويلة التقينا في بيروت، وقال لي: «أحمل إليك دعوة شخصية من الرئيس جلال طالباني... أنت تحدد موعدها». وكان طالباني من أحب الشخصيات العراقية إلى قلبي، لكنني اعتذرت.

كيف يمنع إنسان عربي نفسه من زيارة العراق؛ أو بالأحرى لماذا؟ الجواب السريع؛ هو الخوف. أيام صدام حسين كنت تخاف من داعيك، ومن مرافقك، ومن أن ترمي الصحيفة في سلة الغرفة بعد قراءتها لأن عليها صورة السيد الرئيس، ومن نميمة نصف الصحافيين الحاضرين، ومن أنك مشتبه به كبير خطير لأنك لم تكتب حرفاً عن صدّام. متآمر.

وبعد صدّام، دبَّت في بغداد فوضى أكثر فظاعة من نظامه. وحلمت برحلة قصيرة إلى مكتبات شارع المتنبي، وسهرة على دجلة، وجلسة مع مثقفي العراق. لكنني ترددت من الخوف، ونويت أن أتشجع وأمضي لحظة يفوز إياد علاوي في الانتخابات، لكن رغم فوزه، فإن نوري المالكي جاء إلى السلطة؛ عابساً في وجه الأمة من تطوان إلى بغداد، كما قال البارودي في قصيدته الوحدوية الشهيرة.

تجنبت أن أزور أي بلد عربي من دون دعوة رسمية، لأن الصحافي يعدّ متسللاً. حتى حفلات الاستقبال الرسمية في لندن كنت أتجنبها، وفي أي حال لم أكن أُدعى إليها باعتباري رجعياً من أعداء الثورات المباركة التي لم تخرب إلا بعدما خرّبت العالم العربي معها.

ربما كان عليّ أن أقبل دعوة الأستاذ فخري كريم. ثمة بغداد أخرى في بغداد اليوم. ومثل كثيرين، أشعر باطمئنان إلى عهد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي الذي عرفناه أيام منفاه في لندن. لكنني أعترف بأنني بعد كل هذا الزمان، أشعر بغربة شديدة عن بغداد، مكتفياً بذكرى الصداقات القديمة؛ من البياتي، إلى السياب، إلى فتى الفرات الطيب بلند الحيدري.

بعكس السياب والبياتي؛ كان الحيدري بشوشاً ضاحكاً متفائلاً وبلا مواويل حزينة. وكان رفيقاً مفرحاً في السفر، غزير الطيبة، غزير الثقافات، خبير المكتبات، خائفاً هو أيضاً ترك بغداد وحملها معه إلى منفاه.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

دعوة إلى بغداد دعوة إلى بغداد



ميريام فارس بإطلالات شاطئية عصرية وأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 16:07 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

غارة إسرائيلية على أطراف بلدة مركبا فى لبنان

GMT 16:01 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

ارتفاع التضخم في أمريكا خلال يونيو الماضي

GMT 13:19 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

محمد ممدوح يكشف عن مهنته قبل التمثيل

GMT 13:16 2024 الجمعة ,26 تموز / يوليو

عمرو سعد يكشف تفاصيل عودته الى السينما
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab