بقلم : فاروق جويدة
كثير من العقلاء يحذّرون منذ فترة طويلة من سلاح جديد اقتحم سماوات العالم يُسمى الإعلام .. لم تعد الحروب دبابات وصواريخ وقنابل فقط، ولكن هبط على العالم سلاح جديد تسلل إلى المدن والقرى، وانطلق فى السماء، ووصل إلى البيوت وغرف النوم والسكنات العسكرية.. ودارت الحروب بين الفضائيات؛ هذه تنشر الشائعات، وأخرى تنشر الأكاذيب.. وكما اخترع الإنسان تكنولوجيا المسيّرات والصواريخ، كان الإعلام يكمل دور السلاح الجديد..
فى العدوان الأمريكى على العراق، كانت الفضائيات شريكًا فى المعركة، وأصبح سلاح الإعلام طرفًا أساسيًا فى الحروب الحديثة.. وهنا كان السباق بين الدول: من يستطيع أن يملك أكبر عدد من الفضائيات؟ وأصبح المال صاحب الكلمة؛ لأن من لديه مال أكثر ستكون له سيطرة أوسع. وتدفقت الأموال لتتوسع فى المشروعات الإعلامية الضخمة، من يُقيم الفضائيات، وينتج المسلسلات والأخبار، ويسيطر على ملايين العقول، يبث السموم، ويفسد الشباب، ويغير الأفكار.. وأصبح الإعلام من أكثر المجالات تحقيقًا للربح والثراء؛ فهو يشترى الضمائر، ويسيطر على القرارات.
وظهرت أسواق جديدة تُباع فيها المواقف والأفكار والقضايا.. وقد سقطت أعداد كبيرة من تجار الفرص، وظهرت صور جديدة من صور الاحتلال الإعلامى والسيطرة الفكرية، سقط فيها شعوب وأفراد ودول.. وللأسف الشديد، لعب المال دورًا سلبيًا فى تشجيع ونشر السلاح الجديد الذى يهدد الآن استقرار الشعوب وأمنها، بعد أن سيطر على منابر كثيرة تحولت إلى أبواق تهدد الثوابت وتفسد العقول.. ولا أحد يدرى إلى أى مدى سوف يتمادى العالم فى هذه الجريمة، بعد أن أصبحت تنافس أسلحة الدمار الشامل..