بقلم : فاروق جويدة
ما أطول شتاء هذا العام ! كلما عصفت بنا موجات البرد ، تطل على الشاشات أمامنا صور الأطفال فى غزة ، يحاصرهم الرصاص والبرد والجوع والأمراض .. ويطل الموت وسط الخيام يلعن أزمنة التخاذل والطغيان فى عالم استباح الرحمة وأدمن الدمار .. كيف يرى العالم أطلال غزة الآن وأشباح الموت تطارد من بقى من الأحياء ؟ كيف يرى تجار السلاح وقراصنة الدمار آلاف الشهداء الذين ضاقت الأرض بأجسادهم؟ وماذا سيقول التاريخ عن قراصنة الموت وهم يعيثون فى الأرض موتًا وخرابًا ودمارًا؟
كيف يحلم من بقى من أطفال غزة ؟ وبماذا يحلمون؟ هل يحلمون ببيت آمن وكل البيوت تهدمت ؟ هل ينتظرون أبًا سافر دون وداع ؟ هل يبحثون عن أم ماتت فى أحضانهم؟ بأى شيء يحلمون أمام عالم استباح الرحمة وأدمن القتل وباع كل شيء للشيطان؟
هناك شعوب تحتفل بعام جديد، من يرقصون ومن يشربون ، وهناك أيضًا من يُقتلون .. فى غزة الآن أجساد تموت جوعًا ، وقلوب تنهار خوفًا ، وبيوت تنعى أصحابها : من مات تحت الأطلال ومن مات جوعًا ومرضًا.
فى الأفق البعيد ينطلق صوت غناء وطبول ومواكب شعوب تودع العام بالغناء، وشعوب تودعه بالدماء .. والفرق أرض ماتت ضمائرها، وأرض مات أصحابها .. وهناك عالم تحكمه الشياطين والقتل والدمار والطغيان فى زمن أصبح الآن وكرًا للذئاب .. لا، لن يكون غريبًا أن تراه الآن غابة .. لا أمن فى زمن التنطع والتخاذل للغلابة..