بقلم : فاروق جويدة
أصعب الأشياء أن تعاتب إنسانًا وأنت تعلم أن وقت العتاب قد فات، وأنك أصبحت إنسانًا آخر .. إن للعتاب وقتًا وزمانًا، وحين يمضى الوقت تفقد الأشياء بريقها .. ما أجمل أن تفتح باب العتاب فى لحظة حب، فيصبح خيوطًا من الود تعيد المشاعر وتُحيى الأشواق.. وهناك زمان آخر لا ينفع فيه العتاب؛ أن يقف على بابك حبيب تخلى أو صديق باع ، يرجو الصفح والغفران، وليس كل زمان يمكن فيه الغفران.. كل الأشياء تصدأ حين نهملها، حتى القلوب حين يخذلها الحنين وتتخلى عنها الأشواق..
أسوأ الأشياء حين تأتى فى غير زمانها ، حتى النجاح والفرص فى الحياة تتأخر كثيرًا ، مثل قطار العمر تراه قريبًا منك ثم يختفي.. كثيرًا ما تسرقنا الأشياء: العمر، الأحلام، الصحة، النجاح، ونجلس على أرصفة الزمن نراجع ما بقى بين أيدينا، ونكتشف أن ما بقى هو القليل .. فلا تعتب على حبيب تخلي، أو فرصة ضاعت، أو عمر تسرب منك وأنت غارق فى حيرتك.
العتاب أحيانًا يتحول إلى عبء ثقيل، وتحار مع نفسك : تعاتب مَن؟ هل تعاتب أحبابًا تخلّوا؟ أم تعاتب زمانًا لم ينصفك؟ أم تنظر من بعيد وأنت تشاهد قطار العمر وقد تركك وحيدًا فى ليل مدينة مظلمة؟ إذا كانت الأيام قد تركت لك بعض الذكريات وقليلًا من الأحلام، وتوقف قطار العمر يمنحك ساعات تعيشها، فلا تعتب ولا تندم ، وعِش هذه الساعات.. فمازالت أمامك فرصة، حتى إن كانت قصيرة، لأن تحب وتحلم وتفرح.. واترك العتاب للآخرين... فى أحيان كثيرة يتراجع رصيد العمر، وتسرع ساعات الزمن، وتبدو الأشياء بعيدة... بعيدة. اجلس مع نفسك، ولا تفكر فى المستحيل مادام الممكن بين يديك.