بقلم - عبد المنعم سعيد
بات الأشقاء فى المملكة العربية السعودية يحتفلون فى ٢٢ فبراير من كل عام باعتباره يوم تأسيس المملكة، عندما قامت فى «الدرعية» الدولة السعودية الأولى فى عام ١٧٢٧. اليوم الذى بات عطلة سنوية واحتفالا فى المؤسسات السعودية المختلفة بات جزءا من عمليات التحديث والإصلاح الجارية فى المملكة التى تشمل أمورا يقع فى مقدمتها تعزيز «الهوية» الوطنية التى تتضمن متى بدأنا فى التاريخ، وإلى أين نذهب فى المستقبل؟ السعودية بذلك لا تستعيد فقط ثلاثة قرون من تاريخها، ولكنها أيضا تستعيد ما هو أكثر فى التاريخ القديم. الأمر يسرى فى العديد من الدول العربية التى أخذت الإصلاح طريقا لمستقبلها والذى يبدأ من خلال استرجاع تاريخ عريق؛ والبناء لمستقبل واعد. فى مصر نجد ذلك مع الاكتشافات الفرعونية العديدة، وعمليات الإصلاح للمساجد والكنائس والمعابد؛ وبناء المتاحف التى تشمل كل مرحلة تاريخية. فى السعودية يربطون بين التأسيس والثورة الرقمية وأخيرا الذكاء الاصطناعي.
فى مصر ربما آن الأوان لكى نستعيد يوم تأسيس الدولة المصرية الحديثة مع قيام المملكة المصرية فى ٢٨ فبراير ١٩٢٢. فى ذلك اليوم خرجت مصر ليس فقط من الأسر البريطانى والعثمانى وإنما أصبحت جزءا من عالم معاصر. أعرف أن كثيرين يرون فى ذلك إجحافا لدولة ربما كانت الأقدم فى التاريخ، وعلى أكتافها قامت ثلاثة آلاف عام من المجد الفرعوني. ولكن ذلك كان فى التاريخ القديم الذى نعتز به مكونا أساسيا فى الهوية المصرية، أما التاريخ المعاصر فهو الذى يعتد به محصلة لما أسماه أستاذنا «د. ميلاد حنا» أعمدة الحضارة المصرية التى عدها سبعة. الخروج من الأسر شهد ثورة ١٩١٩ ونداء مصر للمصريين ووحدة الهلال مع الصليب وإشهار مصر أمة واحدة وعريقة الحضارات وثابتة الحدود الجغرافية والاعتراف العالمى فى ذات الوقت. وسواء كان الأمر فى مصر أو فى السعودية أو فى الدول العربية الأخرى فإن استرجاع يوم التأسيس يشهر تعاقدا سياسيا على قيام الدولة فى سياقها العالمى وداخل الحضارة الإنسانية المعاصرة.