بقلم : عبد المنعم سعيد
حتى الآن فإن معالجتنا لموقف «ترامب» من تهجير الفلسطينيين فى غزة إلى مصر والأردن كانت جيدة، فقد أوضح البلدان موقفهما بوضوح وحزم ودون مزايدة حنجورية؛ والدول العربية التى لم ترشح للمهمة فى صيغتها الأولي، أطلقت موقفها حاسما فى الرفض. السعودية وهى المرشحة فى السيناريو الترامبى إلى دور «إبراهيمي» كانت قاطعة وحاسمة أنه لا دور ولا مشاركة ما لم يكن هناك وقف للتهجير، وفوقه إقامة دولة فلسطينية. وبعد ذلك جاء المدد، الرفض من أوروبا بجميع أركانها شرقا وغربا، ومعها جاء التأييد للموقف العربى من روسيا والصين والجنوب العالمي. فى الولايات المتحدة خرجت مظاهرات لتأييد الفلسطينيين فى جميع الولايات؛ وحتى استنكرت منظمات يهودية موقف ترامب من أهل غزة. الجولة على هذا النحو لم تنته بعد؛ وفى جعبة ترامب لا يزال الكثير. ما يجمع الأطراف حاليا هو المحافظة على وقف إطلاق النار وفقا للاتفاق الراهن؛ وفى الطريق سوف يكون مقابلات مع القادة العرب الواحد بعد الآخر، ومنهم سوف يكون موقفا واحدا إزاء المقترح الأمريكى مضافا له أولا إمكانية تعمير غزة دون تهجير أهلها فى صناعة عربية خالصة؛ وثانيا أن التعمير واجب فى إطار عملية سلام شاملة.
هذا الجانب الأخير هو مفتاح الموقف، ولا يمكن تحقيق انطلاقة فيه ما لم يتم التوافق على إستراتيجية تنضم فيها القاهرة وعمان مع الرياض وأبوظبى والدوحة والقيادة الفلسطينية وقوامها تشكيل فريق عمل مؤقت من فلسطينيى المهجر من أصحاب السمعة الدولية والعالمية لإدارة المفاوضات التى تعيد الوحدة السياسية للضفة الغربية والقطاع، وتتفاوض مع إسرائيل للانسحاب من غزة مع وقف دائم لإطلاق النار. إعمار غزة سوف يكون جزءا مهما من عملية سلام شاملة تقيم الدولة الفلسطينية وتدمج إسرائيل فى الشرق الأوسط. فى الطريق سوف يحاول الرئيس ترامب ممارسة ضغوط على الأطراف العربية شاملا السعودية والكويت لدفعهم مع مصر والأردن إلى اتجاهات ليست فى المصلحة العربية ولا الفلسطينية