بقلم : عبد المنعم سعيد
«ترويض نمرة» إحدى مسرحيات شكسبير، بها شخصية امرأة عجيبة تستخدم العنف والرقة وادعاء الجنون تارة، والعقلانية الشديدة تارة أخرى. عجبها التناقض الشديد، ودهشتها فى انعزالها وتعاليها، وهى لا تحقق الأذى لنفسها فقط والأقرباء منها، إخوتها البنات اللائى يساء الظن فيهن بسببها. حل شكسبير كان المعاملة بالمثل من الرجل الذى اقترب منها للزواج من خلال العنف وادعاء جنون أكثر حدة من جنونها، وحرمانها من المال والثروة والبهاء وسمعة الجمال، فكان الاستسلام والزواج. الرئيس الأمريكى دونالد ترامب جمع هذه الصفات، ليس مؤكدا أنه جلبها من شكسبير، وإنما من تراث أمريكى موروث عن المرشح الجمهورى «بارى جولدووتر» والرئيس الجمهورى ريتشارد نيكسون، وكلاهما استخدم ادعاء الحدة والجنون باستخدام الأسلحة النووية فى حرب فيتنام. لحسن الحظ أن ذلك لم يحدث، ولكن الميراث فى التاريخ السياسى لم ينته؛ وسواء كان فى الحملة الانتخابية أو بعد الفوز ثم دخول البيت الأبيض فإن ترامب وزع ذات اليمين وذات اليسار أحلاما إمبراطورية كان يصفها جميعا بأنها «جميلة» حتى ولو أخذت شكل الغزو والسيطرة.
الآن وقد امتدت أصابع الرئيس الأمريكى إلى الشرق الأوسط مرة أخرى بطلب الاستيلاء على قطاع غزة الذى هدده قبل وقف إطلاق النار بتقديمه إلى الجحيم، والآن فإنه سوف يقدمه إلى جنات «الريفيرا» الفرنسية «الجميلة». وبالمناسبة فإن هذا التعبير ليس جديدا على المنطقة، فقد جرى تداوله خلال التسعينيات فى المفاوضات الاقتصادية المتعددة الأطراف الخاصة بالسلام فى الشرق الأوسط بحيث تقام بصورة مشتركة فى منطقة شمال البحر الأحمر بحيث ينتظم فيها كل الدول التى تجاوره. الذين يريدون ترامب عليهم أن يتعلموا كثيرا من الصين التى ردت على ترامب بهدوء فهى ردت الجمارك بمثيلاتها التى إذا ضربت أوجعت، وبالذات فيما يتعلق ببطاريات عربات «تسلا»، وعدم ترك ترامب يحدد مواعيد اللقاء والمكالمات التليفونية، الرئيس «شين جين بينج» لا يترك أحدا يحدد له مواعيده. يتبع.