بقلم -منى بوسمرة
تظهر الإمارات الجدية الكاملة في توسيع آفاق اقتصاد وطني قائم على التصنيع والابتكار والتكنولوجيا المتقدمة، في ظل رؤية شاملة وأجندات متكاملة، تفتح مسارات جديدة للتنويع الاقتصادي، وهو ما تضعه قيادة الدولة على أرض الواقع بخطوات نوعية وسريعة، في سبيل استحداث قطاعات حيوية جديدة والارتقاء بأداء وإنتاج وتنافسية القطاعات القائمة، وتقديم الدعم المدروس وفاعل التأثير، بما يضمن مساهمة جميع مكونات القطاع الاقتصادي، في مضاعفة الجهود لتحقيق الأهداف المنشودة.
فاعتماد محمد بن راشد استراتيجية مصرف الإمارات للتنمية بمحفظة تمويلية بقيمة 30 مليار درهم على مدى 5 سنوات، بعد أقل من أسبوعين من اعتماد استراتيجية وزارة الصناعة والتكنولوجيا المتقدمة 2031 تحت مظلة مشروع الـ 300 مليار لتحفيز القطاع الصناعي، يؤشر بوضوح إلى هذا التوجه الذي بات أولوية قصوى ضمن الملفات الوطنية التي تعطيها القيادة اهتمامها ومتابعتها المباشرة والمتواصلة، كما أن الهدف من الاستراتيجية الجديدة للمصرف جلي، كما يركز عليه محمد بن راشد ومحمد بن زايد، في وصفهما لها، إذ يؤكدان أنها ستكون رافداً ومحركاً لإحداث تحول نوعي في تعظيم آفاق الاقتصاد الإماراتي عبر دعم القطاعات والمنتجات المبتكرة بحلول تمويلية فاعلة.
هذه الاعتمادات، حجماً ونوعاً، تأتي في توقيت حاسم، فهي تؤكد أن اقتصاد الإمارات يمضي قدماً بقوة، بعيداً عن الظروف الصعبة التي أدخلت اقتصادات عالمية، ومنها اقتصادات كبرى، في حالة انكماش وركود، وتمنح مؤشرات المرجعيات الدولية التي صدّرت تنافسية اقتصاد الإمارات، موثوقية ومصداقية أعلى، وهو ما ضاعف جاذبية الإمارات، للاستثمار في القطاعات الحيوية والمستقبلية، لتكون بحق دولة المستقبل وقطاعاته.
وعلى مستوى مهم آخر، فإن قراءة هذه الاعتمادات المتوالية، لا يمكن أن تغفل عن الرؤى المتفردة التي تتبناها اليوم الإمارات، ومن جانب فهي تنظر بشمولية إلى جميع مكونات الاقتصاد الوطني كعناصر أساسية في تعظيم مردوده، ولذلك جاءت هذه الاستراتيجية الجديدة داعمة للشركات الصغيرة والمتوسطة على وجه الخصوص، ومن جانب آخر، تضع هذه الرؤى المستجدات العالمية والتغيرات التي يأتي بها المستقبل ضمن نهجها المرن الكفيل باستدامة النمو والتطور لجميع المؤسسات التجارية والصناعية وبالتالي النهوض باقتصاد قادر على ريادة العالم الجديد.
الأرضية الصلبة التي ترتفع عليها أعمدة الاقتصاد الوطني، إضافة إلى هذه الرؤى الفاعلة، والتوجهات التي تعتمد الابتكار وتوليد الأدوات والقطاعات والفرص الجديدة، كلها تشكل قاعدة قوية لتحفيز قفزات تنموية تاريخية في مسيرة الإمارات، مع انطلاق «عام الخمسين» رسمياً اليوم، الذي تطمح فيه الدولة بتدشين رحلتها نحو نهضة نوعية جديدة في الخمسين عاماً المقبلة.