بقلم -منى بوسمرة
جاءت نتيجة الترقب، أعظم من حجم التوقعات، فما تنطلق الإمارات إليه اليوم، هو مسار استراتيجي متقدم وجديد كلياً، تصنع به لحظة فارقة في تاريخها، من خلال انتقالها بمسيرة التنمية، من بناء القدرات والإنجاز، إلى التفوق وترسيخ نموذج عميق التأثير داخلياً وخارجياً، وهو ما ترسمه بوضوح، المبادئ العشرة في وثيقة الخمسين، التي وجه بها رئيس الدولة، واعتمدها محمد بن راشد ومحمد بن زايد.
شمولية الوثيقة، تستند إلى فكر استشرافي واستباقي، أثبت على الدوام قدرته على الرؤية الصائبة، لما سيكون عليه مستقبل الدولة من الآن، لذلك، جاءت مبادئها لتشكل خريطة طريقة متكاملة، لكل الجوانب السياسية والاقتصادية والتنموية الداخلية، بأولويات وغايات وأهداف محددة، وأضاءت على عوامل القوة، وروافع النجاح، التي من شأنها تسريع الخطى في تحقيق التطلعات والطموحات.
ومن يقرأ هذه المبادئ، يدرك أنها تنطلق من مصلحة عليا ثابتة، همها الأول والأخير، هو الإنسان، وتوفير أفضل حياة له، كما تؤكد أن أولويتها في تقوية الاتحاد، هي السبيل إلى الارتقاء بهذه الغاية، عبر تعزيز مؤسساته وتشريعاته وصلاحياته وميزانياته، وتحقيق التنمية الشاملة في كافة مناطقه، الأمر الذي يعطي أهمية بالغة للاقتصاد، كمصلحة وطنية عليا أيضاً، إذ يتطلب السقف المرتفع من التطلعات التنموية، إلى التركيز بشكل كامل خلال الفترة المقبلة، على بناء الاقتصاد الأفضل والأنشط في العالم.
أول مشاريع الخمسين، التي أعلنت أمس، ببرامجها ومبادراتها النوعية، ومخصصاتها المليارية الكبيرة، تؤكد أيضاً على جدية وإصرار الدولة في إنجاز قفزات حقيقية في الملف الاقتصادي.
كما تؤسس الوثيقة لعوامل قوة أكبر، لمحركات النمو المستقبلي، عبر التركيز على توحيد جهود المؤسسات كافة في الدولة، اقتصادياً واستثمارياً وسياحياً وصناعياً وثقافياً، ما يكفل قفزات أكبر في ترسيخ السمعة العالمية لدولة الإمارات، كما تؤكد الوثيقة على مضاعفة الاستثمار في رأس المال البشري، واستقطاب المواهب، كمحرك مهم للنمو، وكذلك الأمر بالنسبة لتحقيق التفوق الرقمي والتقني والعلمي للدولة.
ولم تغفل الوثيقة أياً من المسارات المهمة، فقد لفتت إلى المسارات السياسية والخارجية والقيمية بوضوح، مشددة على أن هدف السياسة، هو خدمة الاقتصاد، وأن حسن الجوار، هو أساس الاستقرار، وأن الدعوة للسلم والسلام والحوار لحل كافة الخلافات، ركيزة السياسة الخارجية للإمارات، كما لفتت إلى أن منظومتها القيمية، ستبقى قائمة على الانفتاح والتسامح، وأن مساعداتها الإنسانية، جزء لا يتجزأ من التزاماتها، حتى في أوقات الاختلاف السياسي، وهي في مجملها، مسارات تشير إلى توجهات الدولة في تعزيز مزيد من قوة علاقاتها الخارجية، وشراكاتها الدولية، والارتقاء بدورها المؤثر في دعم أسس السلام والاستقرار في العالم.
المبادئ العشرة، تمثل مرجعية متكاملة للجميع، أفراداً ومؤسسات، تضم القيم والتوجهات والأولويات خلال الخمسين القادمة، لتضيء أمام الشعب الأفضل والأنبل والأكثر عطاء، طريق التفوق، وتحقيق قفزات نوعية جديدة في التنمية والنهضة، من خلال عمل الجميع بروح الوحدة والتكامل، والأمل والتفاؤل.