بقلم - منى بوسمرة
حق للإمارات أن تبدأ احتفاءها وفخرها من اليوم، بالإنجاز غير المسبوق، الذي تسطر من خلاله تاريخاً جديداً للعرب، تاريخ يعانق النجوم، ويسبر أسرار الفضاء، بعد أن حمل قادتها طموح زايد وشغفه بالفضاء، بالرؤية السباقة والمثابرة والعمل، ليتحقق واقعاً تنافس فيه اليوم دولاً متقدمة في استكشاف المريخ عبر «مسبار الأمل» الذي أصبح جاهزاً داخل كبسولته في أعلى صاروخ الإطلاق.
أمجاد جديدة ينظر إليها أبناء الإمارات عبر هذا الإنجاز، الذي يتطلعون من خلاله إلى مستقبل مختلف تماماً، ويرفعون به سقف طموحاتهم، كما يلهمهم قائد الإيجابية والتفاؤل محمد بن راشد، الذي يؤكد أن أمجادنا التي وصلت إلى النجوم ليست أمراً جديداً بقول سموه: «نظر أجدادنا للنجوم في رحلاتهم البحرية لبناء أمجادهم واليوم ينظر لها أبناؤنا لبناء مستقبلهم».
نبدأ الاحتفاء من اليوم، لأن الإنجاز اكتمل، وهو ليس وقفاً على مرحلة الإطلاق، فمشروع مسبار الأمل حقق منذ انطلقت فكرته في الخلوة الوزارية الاستثنائية في جزيرة «صير بني ياس» في 2013، نجاحات كثيرة وعظيمة، وأولها فكرته التي رسخت شغفاً، وفكراً إيجابياً على المستوى العربي كاملاً، بأننا قادرون وبإمكاننا منافسة أكبر الدول في علوم ومجالات المستقبل، إذا امتلكنا الإرادة، وهي أول رسالة أرادت الإمارات ترسيخها من خلال هذا المشروع، ولا تزال تبث من خلالها أملاً وتفاؤلاً لدى العرب خصوصاً في هذه الأوقات الصعبة التي يمر بها عالمنا العربي.
بل نجح المسبار في تحقيق إنجاز للعرب جميعاً، ببث رسالة إلى العالم تعزز الثقة فيهم وتعيد إلى الأذهان دورهم الحضاري، وتعيدهم أنفسهم إلى هذا الدور للمساهمة في تقدم الإنسانية. ويكفي هنا أن حملة العد التنازلي للمسبار ستكون باللغة العربية لأول مرة في التاريخ وذلك على أهم معالم العالم العربي والإمارات، وعلى كل مواقع التواصل الاجتماعي.
كما يترجم المسبار رسالة قيادتنا للجميع حول العالم، بأن تطوير القدرات، والتطلع إلى المشاريع المعرفية التي تخدم البشرية ومستقبلها، هو الرهان الرابح لأي دولة.
نجح المشروع كذلك في تأهيل جيل شغوف بالفضاء من كوادرنا الوطنية التي أثبتت قدرات كبيرة في علوم الفضاء، وإضافة إلى التصنيع والإشراف على الاستعدادات، فإدارة المسبار بالكامل ستكون من غرفة التحكم في دبي بأيدي شبابنا.
هذا عدا عن الإنجازات العالمية غير المسبوقة التي حققها المشروع، فالمرأة تلعب دوراً محورياً فيه بنسبة 34 بالمئة، وهي الأعلى عالمياً، بل وأثبتت المرأة الإماراتية تميزاً نوعياً، ومثال ذلك، عائشة صلاح الدين شرفي مهندسة نظام الدفع الذي يزود المسبار بالوقود لدخول مدار المريخ، والتي أبدى مسؤول في «ناسا» رغبته في انضمامها إلى الوكالة كمسؤولة صواريخ إعجاباً بإمكاناتها.
تكلفة المشروع التي تبلغ 200 مليون دولار، تضاف إلى إنجازاتنا الاستثنائية، فهي تعد الأقل عالمياً، وكذلك مدة صنع المسبار التي تم تقليصها إلى 6 سنوات بعد أن كانت 10 سنوات.
الإمارات تضيء بين النجوم بهذا المسبار، مثلاً حياً، على قوة الإرادة والأمل والإصرار.