مئة يوم على عاصفة الحزمالعربية في اليمن

مئة يوم على "عاصفة الحزم"العربية في اليمن

مئة يوم على "عاصفة الحزم"العربية في اليمن

 العرب اليوم -

مئة يوم على عاصفة الحزمالعربية في اليمن

عبد الباري عطوان

قارب شهر رمضان المبارك على الانتهاء، مثلما تقترب “عاصفة الحزم” في اليمن من اكمال المئة يوم الاولى منذ بدايتها (26 آذارـ مارس)، ولم يتم التوصل الى اي هدنة، او وقف للقتال، رغم تأكيد السيد اسماعيل ولد الشيخ احمد المبعوث الدولي ان اليمن يقف على حافة المجاعة، وان هناك 20 مليون يمني بحاجة الى مساعدات انسانية، حيث لا ماء، ولا كهرباء، ولا طعام، ولا دواء، ولا مستشفيات، وحصار خانق وغير مسبوق.

حتى في العصور الجاهلية كانت هناك “الاشهر الحرم” التي تتوقف فيها الحروب بين القبائل، وفق ميثاق غير مكتوب لحقن الدماء تلتزم به جميع الاطراف، ولكن يبدو ان العصر الجاهلي وقبائله اكثر رحمة من قبائل القرن الواحد والعشرين التي تملك الطائرات الحديثة والصواريخ من مختلف الاحجام والابعاد، وتمارس القتل دون اي رحمة او شفقة.

ولان الحرب في اليمن، الذي لا يملك نفطا، ولا ذهبا، ولا طاغية يحكم بقبضة حديدية يجب التذرع باسقاط حكمه، من قبل الديمفراطيين “المتزمتين” فلا احد يهتم، والجميع يديرون وجههم الى الناحية الاخرى، ولا يريدون ان يروا حجم المأساة والضحايا الذين يسقطون يوميا في الجانبين، والمسألة نسبية.
***

في بداية هذه الحرب كانت الصورة مختلفة كليا، “تحالف عربي” يتباهى بقوته، وحداثة طائراته الامريكية الصنع، ومتحدث باسمه يطل كل ليلة عبر شاشات التلفزة مسلحا بالخرائط، ويصف التقدم الكبير في ميادين القتال، والاهداف التي قصفتها طائراته بدقة متناهية الليلة السابقة، بما يذكرنا بمتحدث “عاصفة الصحراء” الامريكية على العراق، او حرب الفولكلاند البريطانية في الارجنتين، وتحالف مناهض على الارض يتقدم، ويحتل مدنا، يتلقى القصف، ويكظم الغيظ، ولا يستمع اليه احد، بعد شيطنته، لانه يقف عاجزا، قليل الحيلة، في مواجهة خصمه وآلته العسكرية الجبارة.

المشهد نفسه تكرر قبل عام تقريبا، عندما شاهدنا حكومات عربية تندفع لارسال طائراتها الحربية الحديثة نفسها، للانضمام الى تحالف ستيني بقيادة الولايات المتحدة، يريد اقتلاع جذور “دولة اسلامية”، يفضل البعض، في حالة انكار غير مسبوقة، تسميتها “داعش”، وشاهدنا “امراء” في مقعد القيادة، وحسناء عربية امام مقود طائرة اخرى، في حالة من الزهو والثقة، تؤكد ان النصر وشيك، وسرادق الاحتفال قي طور الانشاء.

لا طائرات “عاصفة الحزم” فرضت الاستسلام على الطرف الآخر بعد مئة يوم من القصف المتواصل، حتى انها لم تعد تجد اهدافا تضربها في الدولة الافقر في العالم، ولا طائرات التحالف الستيني الآخر قضت على “الدولة الاسلامية” بعد اكثر من 4000 غارة جوية، بل ما حدث هو العكس تماما، فقد نجحت قوات هذه “الدولة” في الاستيلاء على مدن جديدة (الرمادي وتدمر) ونجحت في اقتحام عين العرب (كوباني)، ويعلم الله اين ستكون ضربتها المقبلة.

جميع هذه الخيارات، او الحلول العسكرية، منيت بالفشل، حتى الآن على الاقل، ومن ارادت فرض الاستسلام عليهم، ورفعهم الريات البيضاء دون شروط، ما زالوا “اقوياء” ويتمددون كل في ميادينه، وجبهات قتاله، بغض النظر عن هويته الطائفية، او قناعاته الايديولوجية، ومن يقول غير ذلك، وايا كان موقعه، يغالط نفسه، ويدس رأسه في الرمال.

اين يكمن الخلل؟ ولماذا وصلنا، والمنطقة معنا، الى هذه النهاية المأساوية؟
نجيب بكل بساطة بالقول انه غرور القوة والمال، وسوء التقدير في ابشع صوره، والاستهتار بقوة الخصم، وعدم الاستفادة من كل التجارب السابقة، بما فيها تجارب احتلال الكويت والعراق، والتدخل العسكري في ليبيا وافغانستان وسورية، والقائمة تطول.

من الطبيعي ان ينبري احدهم، وما اكثرهم هذه الايام، ويسألنا: ما هو الحل الذي ترتأيه ايها العبقري؟ وكيف تكون المخارج؟

بداية نقول، اننا لا نصرع اكتافنا بالنجوم، ولا صدورنا بالنياشين، وان من اطلقوا الصاروخ الاول في هذه الحروب لم يستشيرونا، ولم يستمعوا مطلقا لآرائنا، وآراء غيرنا، حتى يطلبوا منا الحلول، هذا اذا تواضعوا ونزلوا من عليائهم وطلبوها، وهو ما نشك فيه، فقد اعماهم الغرور من رؤية ما هو ابعد من ارنبه انفهم.
ومثلما لم يوجد عداد لاحصاء عدد الضحايا العراقيين في الحربين الامريكية الاولى والثانية، وتوقف العداد السوري بعد دخول الحرب العام الخامس دون اسقاط النظام، وحسم الحرب لصالح هذا الطرف او ذاك، عند رقم 300 الف قتيل (الدمار وحجمه لم يكن، ولن يكون موضع حساب، وكذلك اعداد الجرحى)، لا احد يفكر باحصاء الضحايا اليمنيين الذين تحصد ارواحهم بالمئات، وربما بالآلاف، الصواريخ الارضية او الجوية، فهؤلاء فقراء، معدومون، ربما قتلهم يأتي من قبيل الرحمة، والرأفة بحالهم، ووضع حد لمعاناتهم، من وجهة نظر قاتليهم.

***

نكتب بلغة عاطفية، لان العقل غائب، والحكمة منعدمة، واهلها مغيبون، وانين الجرحى غير مسموع، بل ممنوع الاستماع اليه، والقتلى بلا جنازات، ولا شواهد لقبورهم، هذا اذا وجدت هذه القبور اصلا.

لا نعرف كيف يصوم هؤلاء الذين يمارسون القتل، ايا كان خندقهم في الارض او السماء، وكيف يتناولون وجبات افطارهم العامرة، وهم يعرفون ان هناك على الطرف الآخر من لا يجدون الامان، ناهيك عن لقمة الخبز، ولا يعرفون كم دقيقة، او ساعة، او يوم سيعيشون.

نحن مع الشعب اليمني، كل الشعب اليمني، الطيب الشهم المضياف، اصل العرب جميعا، وبعض النظر عن عقيدته ومذهبه وانتمائه، ولذلك نقولها، وبأعلى صوت: اوقفوا هذه الحرب في اليمن، وبأسرع وقت ممكن، اذا كنتم تملكون ذرة من الرحمة والانسانية.

arabstoday

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مئة يوم على عاصفة الحزمالعربية في اليمن مئة يوم على عاصفة الحزمالعربية في اليمن



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 07:35 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية
 العرب اليوم - قرية بورميو الإيطالية المكان المثالي للرياضات الشتوية

GMT 07:55 2024 الخميس ,21 تشرين الثاني / نوفمبر

الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة
 العرب اليوم - الزرع الصناعي يضيف قيمة لديكور المنزل دون عناية مستمرة

GMT 07:54 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامينات ومعادن أساسية ضرورية لشيخوخة أفضل صحياً

GMT 07:15 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

فيتامين سي يعزز نتائج العلاج الكيميائي لسرطان البنكرياس

GMT 05:57 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مشكلة العقلين الإسرائيلي والفلسطيني

GMT 07:39 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

نجاة نهال عنبر وأسرتها من موت محقق

GMT 22:56 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

مقتل 3 جنود لبنانيين في قصف إسرائيلي

GMT 09:48 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

بيب غوارديولا يوافق على عقد جديد مع مانشستر سيتي

GMT 18:37 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

واشنطن تفرض عقوبات على 6 قادة من حركة حماس

GMT 16:42 2024 الثلاثاء ,19 تشرين الثاني / نوفمبر

جماعة الحوثي تعلن استهداف سفينة في البحر الأحمر

GMT 08:32 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

حسين فهمي يُعلّق على فوزه بجائزة عمر الشريف

GMT 06:43 2024 الأربعاء ,20 تشرين الثاني / نوفمبر

ترامب الطامح إلى دور شبه ديكتاتور!
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab