إيران والمهل التفاوضية

إيران والمهل التفاوضية

إيران والمهل التفاوضية

 العرب اليوم -

إيران والمهل التفاوضية

بقلم - مصطفى فحص

تبدو العودة إلى المفاوضات بين طهران وواشنطن متعثرة في المدى المنظور، فالرسائل المباشرة وغير المباشرة ما بين النظام الإيراني وإدارة الرئيس الأميركي المنتخب جو بايدن توحي بتريث الجانبين، نتيجة انشغالهما بشؤون داخلية تفرض نفسها على الأولويات الخارجية كافة، لذلك لجآ إلى التصعيد التفاوضي عبر رفع سقف الشروط المتبادلة، بهدف اقتطاع الوقت الكافي، من أجل ترتيب بيوتهما الداخلية، وتحديد خياراتهما التفاوضية، قبل الانتقال إلى مرحلة التواصل أو الاتصال المباشر أو عبر الوسطاء.
عملياً؛ تواجه المفاوضات المرتقبة أزمة ثقة بين الجانبين، وترميمها يحتاج إلى مبادرة شبه مفقودة نتيجة الصدامات الدبلوماسية والأمنية في حقبة الرئيس الأميركي دونالد ترمب، فبالنسبة لطهران الأولوية مع الإدارة الجديدة أن تعود إلى الاتفاقيات الدولية واحترامها، وعدم التخلي عن الالتزامات التي أُقرت سابقاً، في المقابل تستخدم الإدارة الجديدة لغة مبهمة تتمحور حول شروط جديدة من أجل العودة إلى الاتفاق، لكنها على الأرجح ستبدأ من حيث انتهت إدارة ترمب، خصوصاً فيما يتعلق بما وصفتها بالثغرات الاستراتيجية النووية وغير النووية التي كانت أحد الدوافع والمبررات للانسحاب الأميركي من الاتفاقية النووية وعودة العقوبات.
في الطريق إلى المفاوضات، لجأت طهران إلى خيارات استفزازية وأخرى ابتزازية، فقد أعطت مهلة للإدارة الأميركية الجديدة حتى 21 فبراير (شباط) المقبل لرفع العقوبات، وإلا فسيتوقف العمل الطوعي بما يعرف بـ«البروتوكول الإضافي» مع الوكالة الدولية للطاقة الذرية، والذي يتصل بعمليات تفتيش الوكالة الدولية المنشآت النووية الإيرانية في إطار اتفاق الضمانات؛ إذ تلوّح طهران بطرد المفتشين الدوليين. فمن الواضح أن سياسة الاستفزاز الإيرانية للمجتمع الدولي، خصوصاً الأوروبيين، هي إحدى وسائلها من أجل ممارسة ضغوط تفاوضية على واشنطن ودفعها إلى مقايضة طهران على رفع جزئي للعقوبات مقابل تجميد إيران تنفيذ خططها للخروج النهائي من الاتفاق النووي.
تمسك طهران بالمهل وبشروط رفع العقوبات لكي تتخلى عن تهديداتها الإجرائية برفع مستوى التخصيب فوق 20 في المائة، وبإعادة تشغيل مفاعل «آراك» وبتركيب ألف جهاز طرد مركزي جديد، هدفه الجوهري انتزاع تسهيلات اقتصادية ولو محدودة جداً تخفف الضغوط الاجتماعية والمعيشية عن النظام في مرحلة ما قبل الانتخابات الرئاسية الاستثنائية في توقيتها، وفي تحديد هوية المرشح الذي يجب أن يفوز بها، لذلك فإن المهلة الحقيقية قبل المفاوضات تحتاجها طهران من أجل ترتيب بيتها الداخلي الذي تصدع نتيجة صراعات مراكز القوة وتناقضاتها بعد غياب ضابط إيقاعها قاسم سليماني، إضافة إلى الخلافات داخل مركز صنع القرار حول من سيؤلف فريق التفاوض ومَن الوجوه التي ستُختار لهذه المهمة، وذلك تجنباً لتكرار التجربة مع فريق روحاني - ظريف الذي يبدو أن الجهة الأساسية المعنية بالإشراف على المفاوضات المقبلة تفقد الثقة به، ولن تمنحهما فرصة ثانية، وليس مستبعداً أن الطرف الذي سيهندس الانتخابات الرئاسية سيكون هو نفسه هذه المرة مهندس فريق التفاوض.
على الأرجح أن وزير الخارجية الإيراني محمد جواد ظريف لن يُمنح فرصة جديدة لشق طريق المفاوضات، ومهمته تنحصر فقط في استطلاع نوايا واشنطن والأوروبيين حول إمكانية تخفيف بعض العقوبات، في انتظار خلفه الذي سيجلس إلى طاولة الحل النهائي أو العداء النهائي إذا اختار المرشد الإيراني ورئيس الجمهورية الجديد و«الحرس الثوري» مواجهة واشنطن سياسياً وحتى طبياً، بعد رفض المرشد شراء الطُعم الأميركي وحتى الأوروبي.
طهران ليست في موقع يؤهلها للضغط على واشنطن، فظروفها الداخلية ليست مستقرة سياسياً واقتصادياً، والنظام في مرحلة انتقالية صعبة، أما خارجياً؛ فإن أوراق نفوذها تراجعت من بغداد إلى دمشق حتى بيروت، فيما المواقف الصادرة في واشنطن عن الإدارة الجديدة بدأت تتطرق إلى مشروعها الصاروخي، حيث أكد مستشار الأمن القومي في إدارة جو بايدن ضرورة بحث ملف إيران الصاروخي قبل الحديث عن الاتفاق النووي.
وعليه؛ يبدو أن المفاوضات مستبعدة في الأشهر الأولى من عمر الإدارة الجديدة، التي ستصرف جهداً كبيراً في إعادة الثقة بين المجتمع الأميركي ومؤسسات الدولة بعد حادثة الـ«كابيتول هيل»، وفي مكافحة وباء «كورونا»، والتخطيط لاحتواء الصين وروسيا.
أما في طهران؛ فالمفاوضات غير مرحب بها إذا لم تقدم واشنطن بعض التنازلات، وغير مرغوب فيها قبل إجراء الانتخابات الرئاسية الإيرانية، ولكن هذه المهل الزمنية لن تفرض «ستاتيكو» بين البلدين، وقد تكون حبلى بالمفاجآت، فطهران تعاني من حالة عدم اطمئنان داخلي، ومشروعها التوسعي غير مستقر، لذلك فإن الهدوء المصطنع قد يخفي خلفه أحداثاً غير متوقعة، خصوصاً إذا أساء أحد الأطراف الفاعلة في طهران أو في مناطق نفوذها التقدير.

 

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إيران والمهل التفاوضية إيران والمهل التفاوضية



GMT 10:34 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024
 العرب اليوم - أفضل 10 وجهات سياحية شبابية الأكثر زيارة في 2024

GMT 13:32 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب
 العرب اليوم - الشرع يبحث مع فيدان في دمشق مخاوف أنقرة من الإرهاب

GMT 10:29 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف
 العرب اليوم - نصائح لاختيار قطع الأثاث للغرف متعددة الوظائف

GMT 03:50 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

مخبول ألمانيا وتحذيرات السعودية

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 04:01 2024 الأحد ,22 كانون الأول / ديسمبر

الثكنة الأخيرة

GMT 20:58 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الجيش الأميركي يقصف مواقع عسكرية في صنعاء

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

موسكو تسيطر على قرية بمنطقة أساسية في شرق أوكرانيا

GMT 14:19 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إلغاء إطلاق أقمار "MicroGEO" الصناعية فى اللحظة الأخيرة

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

وفاة جورج إيستام الفائز بكأس العالم مع إنجلترا

GMT 17:29 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

سائق يدهس شرطيا في لبنان

GMT 14:06 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

إصابات بالاختناق خلال اقتحام الاحتلال قصرة جنوبي نابلس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab