من كمين قبرشمون إلى كمين واشنطن

من كمين قبرشمون إلى كمين واشنطن

من كمين قبرشمون إلى كمين واشنطن

 العرب اليوم -

من كمين قبرشمون إلى كمين واشنطن

بقلم _ مصطفى فحص

من «قبرشمون» نجح وليد جنبلاط في إفشال مخطط حصاره، وحوّل معركة تحجيمه درزياً إلى استعادة لحضوره وطنياً، فأعاد نسج علاقاته مع حلفائه السابقين، على قاعدة الاستهداف الممنهج، ولكنه في المقابل تمكن من إرباك معسكر خصومه، فزعيم «تيار المردة» النائب السابق سليمان فرنجية حليف «حزب الله» تسلح بالصمت طوال الأزمة، أما رئيس مجلس النواب نبيه بري؛ الشريك الفعلي لـ«حزب الله»، فلم يكن على استعداد للدخول في معركة مع صديقه التاريخي وليد جنبلاط لصالح رئيس الجمهورية ميشال عون وصهره، رغم أن أمين عام «حزب الله» حسن نصر الله استثمر موقعه وتأثيره في دعم مطالب النائب الدرزي طلال أرسلان لنقل ملف إشكال قبرشمون إلى المجلس العدلي. ففي معركة فك الحصار عن المختارة (دارة آل جنبلاط) أدار جنبلاط معركته بعيداً عن رغبات بعض اللبنانيين بالعودة إلى أدبيات حركة «14 آذار»، ولم يعطِ لخصومه ذريعة لإعادة التماسك ضمن تحالف «8 آذار»، لكنه لجأ إلى الاستثمار في تناقضات الطبقة السياسية اللبنانية المُربكة سياسياً واقتصادياً منذ التسوية التي جاءت بميشال عون رئيساً، وفشل ما يسمى «العهد» في معالجة الأوضاع الاقتصادية، والتلويح بأن الأزمة ستقضي على ما تبقى من فرص لمؤتمر المانحين (سيدر)، وأن استمرار تعطيل الحكومة سيضعف إمكانية السيطرة على السوق المالية. كما أن الأزمة شكلت فرصة للرأي العام اللبناني السيادي لإعادة إحياء ثوابت العيش المشترك والتمسك بالصيغة اللبنانية و«اتفاق الطائف» بعد مرحلة انكفاء في أعقاب فشل تجربة ثورة الأرز وتخلي العالم عن ثورة الشعب السوري وعدم الثقة بالمجتمع الدولي؛ خصوصاً الولايات المتحدة التي تعلم اللبنانيون ومعهم وليد جنبلاط عدم تكرار خطأ التوهم أن لديها مشروعاً في لبنان، وأيقنوا أنهم غير قادرين على تغيير العقل الأميركي الذي عوّد أصدقاءه على أن يُحرجهم كثيراً، حيث يعرف وليد جنبلاط أن الدول الكبرى من الممكن أن تتخلى عن صداقاتها في أي لحظة.

عملياً أدت محاولات خصوم جنبلاط تسيس الأزمة إلى صدور بيان تحذيري من السفارة الأميركية في بيروت في 7 أغسطس (آب) الحالي بشأن أحداث قبرشمون، فرض على جميع الأطراف إعادة حساباتهم، خصوصاً رئيس الجمهورية الذي كان قد صرّح قبل ساعات من صدوره بأنه ليس شيخ صلح، وأن الكمين في قبرشمون كان يستهدف صهره جبران باسيل؛ الأمر الذي دفع بالسفارة الأميركية إلى القول إنها «تدعم المراجعة القضائية العادلة والشفافة، من دون أي تدخل سياسي، لأحداث قبرشمون، ودون تأجيج النعرات الطائفية، وأي محاولة لاستغلال أحداث قبرشمون بهدف تعزيز أهداف سياسية يجب أن يتم رفضها».

فعلى وقع هذا البيان بدأ رئيس الحكومة اللبنانية سعد الحريري زيارته إلى العاصمة الأميركية واشنطن، وسيلتقي كبار المسؤولين الأميركيين، وقد سبقت وصوله تسريبات صحافية بأن إدارة البيت الأبيض تتجه إلى فرض مزيد من العقوبات على شخصيات لبنانية قريبة من «حزب الله» ومن رئيس الجمهورية، فقد مهد بيان السفارة الأميركية الطريق أمام واشنطن لنصب كمائن سياسية واقتصادية لزيارة الحريري، التي ستطرح أسئلة صعبة تؤسس لعودة التوازن الإقليمي والدولي إلى لبنان، فالحريري الممسك بالعصا من النصف سيواجه معضلة في حماية حكومته من الضغوط الأميركية التي بدأت وتيرتها في الازدياد، بعدما أعيد ربط لبنان بمسار التسوية مع إيران، أو مع المواجهة المتصاعدة وتيرتها في مضيق هرمز، وعلى وقع العودة للحديث عن تهديدات إسرائيلية للبنان تطرق إليها رئيس كتلة «حزب الله» النيابية محمد رعد الذي قال: «إن إسرائيل تتهيأ لشن الحرب علينا»، وقد ربط رعد بين «الاستعدادات لمواجهة أي عدوان إسرائيلي، وضرورة استقرار الساحة الداخلية وما يجمع الشمل وما يُحدث تماسكاً في أوضاعنا الداخلية»، وقال: «علينا أن نلفت نظر الكل إلى أهمية ألا يغفلوا عن العدو الاستراتيجي الوجودي الذي يتربص بنا ويثير بيننا الانقسامات والمشاكل والفتن، ويحرّض بعضنا ضد بعضنا الآخر..».

عود على بدء؛ إلى وليد جنبلاط الذي يقول عنه صديقه الراحل السيد هاني فحص: «يبدو وليد جنبلاط أقرب إلى الفنان؛ بما يعني الفن من عناية بالتشويق والإدهاش والمباغتة، وكل ما يأتي من كون الفن، والفن السياسي، متحرراً من قواعده الموضوعية، لا بمعنى الانفلات؛ بل بمعنى أن قواعده الذاتية، منه وفيه، مفتوحة درامياً على اللحظة، ما لا يرى فيها تناقضاً إلا الذي يعتمد التبسيط منطقاً». فقد أتقن وليد جنبلاط كيف يُحيّر أصدقاءه، ويترك خصومه في حيرة من أمرهم؛ ينسون أم يسامحون أم يستمرون في القطيعة والمحاسبة، فهو حمّال الهموم ومنتجها، كأنه مفتونٌ دائماً بالشغب؛ على أصدقائه المؤقتين وخصومه المؤقتين أيضاً.

arabstoday

GMT 06:34 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

المصريون والأحزاب

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

من كمين قبرشمون إلى كمين واشنطن من كمين قبرشمون إلى كمين واشنطن



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف
 العرب اليوم - أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 06:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الحكومة والأطباء

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 07:59 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

النظام الغذائي الغني بالفواكه والخضراوات يحدّ من الاكتئاب

GMT 11:18 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

رسميًا توتنهام يمدد عقد قائده سون هيونج مين حتى عام 2026

GMT 13:28 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

5 قتلى جراء عاصفة ثلجية بالولايات المتحدة

GMT 19:53 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

أوكرانيا تعلن إسقاط معظم الطائرات الروسية في "هجوم الليل"

GMT 10:05 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

شركات الطيران الأجنبية ترفض العودة إلى أجواء إسرائيل

GMT 19:00 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

أوكرانيا تؤكد إطلاق عمليات هجومية جديدة في كورسك الروسية

GMT 10:12 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

انخفاض مبيعات هيونداي موتور السنوية بنسبة 8ر1% في عام 2024

GMT 11:11 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

إقلاع أول طائرة من مطار دمشق بعد سقوط نظام بشار الأسد

GMT 18:52 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

هوكستين يؤكد أن الجيش الإسرائيلي سيخرج بشكل كامل من لبنان

GMT 07:25 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

استئناف الرحلات من مطار دمشق الدولي بعد إعادة تأهيله

GMT 10:04 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

البيت الأبيض يكتسى بالثلوج و5 ولايات أمريكية تعلن الطوارئ

GMT 08:21 2025 الإثنين ,06 كانون الثاني / يناير

أحمد الفيشاوي يتعرّض لهجوم جديد بسبب تصريحاته عن الوشوم

GMT 06:39 2025 الثلاثاء ,07 كانون الثاني / يناير

زلزال قوي يضرب التبت في الصين ويتسبب بمصرع 53 شخصًا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab