جنوب لبنان 1978

جنوب لبنان... 1978

جنوب لبنان... 1978

 العرب اليوم -

جنوب لبنان 1978

بقلم - مصطفى فحص

في زيارته الأخيرة لحدود كيانه الشمالية توعد وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت لبنان بصيف حار جداً، فالتهديد والوعيد اللذان أطلقهما غالانت هذه المرة قد يكونان مختلفين عن تهديدات سابقة أطلقها قادة إسرائيل ضد لبنان منذ 8 أكتوبر (تشرين الأول) من العام الفائت، أي بعدما فتح «حزب الله» جبهة إسناد لغزة من جنوب لبنان، ويعودان إلى سببين: الأول رفض مستوطني الشمال أي حل دبلوماسي وربط العودة إلى مناطقهم بحسم عسكري ينهي التهديد وليس فقط يبعده، أما السبب الثاني فهو حالة الاحتقان السياسي والعسكري نتيجة تعقيدات داخلية وخارجية تواجهها القيادة الإسرائيلية في جبهتي غزة و لبنان.

في جبهة غزة يتمظهر الاحتقان الأول في معركة رفح باعتبارها الجزء الأهم في بنك الأهداف الإسرائيلي في الحرب على غزة، والوقوف بوجهها إسرائيلياً يعتبر بمثابة إعطاء حركة «حماس» نصراً مجانياً، أما الاحتقان الثاني فهو على الجبهة الشمالية والضغط من أجل عودة المستوطنين وإنهاء التهديد المتصاعد من الحدود اللبنانية أي تطبيق القرار الأممي 1701 ولكن وفقاً للتفسير الإسرائيلي له، لذلك فإن هذين الاحتقانين قد يدفعان تل أبيب بالرغم من كل التحذيرات إلى اقتحام رفح والدخول في حرب مفتوحة وليست بالضرورة شاملة مع لبنان بالرغم من تداعياتهما على الأمن والاستقرار الإقليميين.

بالعودة إلى جنوب لبنان وتحديداً مناطق جنوب الليطاني التي أصبحت منطقة عمليات عسكرية، منذ 8 أكتوبر الفائت عاد الجنوب فعلياً إلى مرحلة ما قبل 14 آذار (مارس) 1978 أي التاريخ الذي قامت فيه إسرائيل بعملية اجتياح عسكري للمناطق الحدودية اللبنانية وصولاً إلى الضفة الجنوبية لنهر الليطاني والتي عرفت حينها بعملية الليطاني، وتذرعت تل أبيب حينها بأن جنوب لبنان بات مسرحاً لنشاط الفدائيين الفلسطينيين بعد ظهور فصائل المقاومة الفلسطينية في الجنوب أواخر سنة 1965 وبعد أن وافق لبنان الرسمي بعد توقيع اتفاق القاهرة 1969 على السماح لمنظمة التحرير الفلسطينية باستخدام أراضيه منطلقاً لعمليات الكفاح المسلح.

بعد 8 أكتوبر الفائت أصبح الجنوب مرة جديدة مُنطلقاً لعمليات ضد الكيان الإسرائيلي ولكن لم تعد هذه العمليات مرتبطة فقط بالفصائل اللبنانية التي حصلت على غطاء رسمي في البيانات الوزارية ضمن معادلة «جيش وشعب ومقاومة»، حيث دخل عليها العامل الفلسطيني بقوة بعدما كان شبه محرم منذ عدة عقود، حيث أخذت الأجنحة العسكرية لحركتي «حماس» و«الجهاد» الدور الذي كانت تقوم به فصائل منظمة التحرير سابقاً، وذلك ضمن استراتيجية وحدة الساحات التي تتبناها قوى المحور الإيراني، وهي استنساخ مشابه نوعاً ما لاتفاق القاهرة ولكن ببعد عقائدي.

إذن من اتفاق القاهرة إلى وحدة الساحات، يعيش الجنوب اللبناني مخاطر مواجهة مفتوحة مع إسرائيل وهذه المخاطر مرتبطة بعوامل سياسية وعسكرية، تبدأ من إمكانية أن يتحول الجنوب مرة جديدة إلى منطلق للعمليات الفلسطينية ضد إسرائيل وهذه استراتيجية ربط نزاع ما بين طهران وتل أبيب بحال تعرضت «حماس» لضربة قاسية ستؤدي إلى إضعاف موقع طهران في الصراع الفلسطيني - الإسرائيلي، فالتعويض عنه في جنوب لبنان، وهذا احتمال بات جدياً مع تزايد عمليات الفصائل الفلسطينية الموالية لها من الجنوب إضافة إلى إمكانية انتقال قيادات من الصف الأول من هذه الفصائل إلى لبنان ومخططات السيطرة على المخيمات الفلسطينية سياسياً وعسكرياً.

هذا الاحتمال يعيد إلى ذاكرة الجنوبيين حالة مناطقهم على جانبي نهر الليطاني قبل وبعد اجتياح 1978 والتي شهدت عمليات تهجير كثيفة وتدمير واسع وتحولت إلى جبهة مفتوحة مع إسرائيل، ولم تخل من احتكاكات خشنة ما بين الجنوبيين والفدائيين الفلسطينيين نتيجة ما اعتبره الجنوبيون حينها المؤيدون لحق المقاومة تجاوزات فلسطينية بحقهم، بالرغم من الطبيعة الاجتماعية والثقافية للحركة الوطنية اللبنانية ذات التوجه اليساري الحليفة للفصائل الفلسطينية ذات الطروحات غير العقائدية التي لم تستطع أن تخفف من الحساسية بين الطرفين، أما الآن في وحدة الساحات فهناك ظاهرياً تماسك عقائدي يخفي حساسية مفرطة قد تؤدي إلى نفس الاحتكاكات التي جرت سابقاً.

ممّا قبل 14 آذار 1978 إلى ما بعد 7 أكتوبر 2023 تختلف التواريخ ولكن تتشابه الأحداث، إما أن تنجح الدبلوماسية بتعطيل صواعق الانفجار وإما أن يعود الجنوب اللبناني ساحة نزاع لا تختلف عما قبل أو ما بعد سنة 1978 وإما الإسرائيلي المتفلت من كل حسيب ورقيب قد يذهب إلى حرب مفتوحة قد تكون أوسع وأكثر قساوة، ويبدو أن هذا لم يعد مرتبطاً بنجاح هدنة غزة أو بفشلها أو بقبول لبنان صيغة واقعية لتطبيق القرار 1701.

arabstoday

GMT 04:32 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

رسائل الرياض

GMT 04:28 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

د. جلال السعيد أيقونة مصرية

GMT 04:22 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

إيران وترمب... حوار أم تصعيد؟

GMT 04:19 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

هل تغتنم إيران الفرصة؟!

GMT 04:17 2024 الأربعاء ,13 تشرين الثاني / نوفمبر

داخل عقل ترمب الجديد

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

جنوب لبنان 1978 جنوب لبنان 1978



الملكة رانيا تجسد الأناقة الملكية المعاصرة في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 14:05 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

«صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا
 العرب اليوم - «صاحبك راجل» يعيد درة للسينما بعد غياب 13 عامًا

GMT 20:21 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

غارة إسرائيلية تقتل 7 فلسطينيين بمخيم النصيرات في وسط غزة

GMT 16:46 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

صورة إعلان «النصر» من «جبل الشيخ»

GMT 22:23 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

إصابة روبن دياز لاعب مانشستر سيتي وغيابه لمدة شهر

GMT 06:15 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

جنبلاط وإزالة الحواجز إلى قصرَين

GMT 18:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

مصر تحصل على قرض بقيمة مليار يورو من الاتحاد الأوروبي

GMT 10:01 2024 السبت ,21 كانون الأول / ديسمبر

الزمالك يقترب من ضم التونسي علي يوسف لاعب هاكن السويدي

GMT 19:44 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

هزة أرضية بقوة 4 درجات تضرب منطقة جنوب غرب إيران

GMT 14:08 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

استشهاد رضيعة فى خيمتها بقطاع غزة بسبب البرد الشديد

GMT 14:09 2024 الخميس ,19 كانون الأول / ديسمبر

كوليبالي ينفي أنباء رحيله عن الهلال السعودي

GMT 03:37 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

أحمد الشرع تُؤكد أن سوريا لن تكون منصة قلق لأي دولة عربية

GMT 20:22 2024 الجمعة ,20 كانون الأول / ديسمبر

الاتحاد الأوروبي يعلن صرف 10 ملايين يورو لوكالة "الأونروا"
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab