بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
لا تُذكر الحرب العالمية الثالثة إلا مقترنةً باستخدام الأسلحة النووية. هذا الاقتران ليس وليد اليوم. لكن ازدياد الاهتمام فى الشهور الأخيرة باحتمال نشوب حرب عالمية يوحى بأنها لابد أن تكون نووية، خاصةً بعد التغيير الذى حدث فى السياسة الروسية فى نوفمبر الماضى. فقد أدخلت موسكو تعديلاً فى عقيدتها العسكرية، فلم يعد استخدام أسلحة نووية محصورًا فى تعرضها لهجومٍ بمثل هذه الأسلحة. فقد خُفضت القيود على استخدامها، وصار هذا ممكنًا فى حالة تعرضها لهجوم «خطير» بأسلحة تقليدية من جانب دولة متحالفة مع أخرى نووية على أساس أنه يُعد هجومًا مشتركًا. وإذ يُتوقع أن يزداد الاهتمام بهذا الاحتمال، والفزع من إمكان تحققه، مع تولى دونالد ترامب الرئاسة، يصح التساؤل عما إذا كان استخدام أسلحة نووية محتومًا حال نشوب حرب عالمية.
يستند ترجيح احتمال اقتران هذه الحرب بالأسلحة النووية إلى تقدير مفاده أن روسيا لا تملك القوة النارية التقليدية الكافية لخوض حرب واسعة ضد حلف «الناتو» إذا تدحرجت تفاعلات الأزمة الأوكرانية باتجاهها، وأنها ستضطر للجوء إلى هذه الأسلحة.
وقد يكون لهذا التقدير أساس فى الواقع. ولكن تجدر ملاحظة ما قاله الرئيس الروسى بوتين، ومر مرور الكرام، عقب استخدام الصاروخ الباليستى الفرط صوتى الجديد «أوريشنيك» ضد مصنع صورايخ فى دينبرو فى نوفمبر الماضى، ردًا على إطلاق صواريخ أتاكمذ الأمريكية وستورم شادو الإنجليزية على منطقتى بريانسك وكورسك، فقد قال إن الأثر التدميرى لهذا الصاروخ يمكن ألاّ يقل عن قذيفة نووية تكتيكية. وربما يعنى هذا أن روسيا تستطيع، مع التطور التقنى المتسارع فى صناعتها الصاروخية، خوض حرب دون اللجوء إلى الأسلحة النووية. فقد بلغ تطور الأسلحة التقليدية مبلغًا لابد أن يدفع للتفكير فى سلامة الاقتران، الذى يبدو لدى البعض محتومًا، بين الحرب العالمية والأسلحة النووية.
وأيًا يكن الأمر فالانظار تتجه الآن صوب البيت الأبيض الأمريكى بانتظار سياسات الإدارة الجديدة التى قد تخفض درجة حرارة العلاقات الدولية التى تقترب من الغليان أو ترفعها على نحو يُقّرِب شبح الحرب العالمية الذى يحوم فى سماء العالم.