بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
ازدادت معدلات الفقر بشكل مطرد منذ نهاية القرن الماضي، وباتت خطراً على حاضر البلاد ومستقبلها. ويقدم كتاب “نحو مكافحة الفقر – دور السياسات العامة فى مصر والعالم” الذى حرره د. مصطفى كامل السيد، وشارك فى كتابته سبعة من أساتذة وخبراء الاقتصاد، تحليلات عميقة لحالة الفقر فى مصر، ويضعها فى سياقها العالمى سواء من حيث إبعادها، أو دور السياسات العامة فى التعامل معها.
ويستحيل بالطبع تلخيص كل الأفكار والإسهامات الثرية التى قدمها مؤلفو الكتاب، وهم د. أبو زيد راجح، ود. أشرف سمير، ود. حسن عبيد، ود. مديحة خطاب، ود. مروة بلتاجي، ود. هبة نصار، ود. هبة الليثي.
ومع ذلك يمكن الإشارة إلى بعض أهمها فى خمسة عناوين. الأول أن الفقر لا يقتصر على ضآّلة الدخل الذى يحصل عليه المرء، وبالتالى عجزه عن سد الحاجات الأساسية للحياة عند أدنى حد لها. الفقر يشمل أيضاً قلة أو انخفاض القدرات التى تمكن الإنسان من الحصول على دخل مناسب0 والثانى أن ثمة وجهاً آخر للفقر هو نقص الفرص وخاصة فى حالة النساء، الأمر الذى يتطلب توسيع الفرص والخيارات والدعم المؤسسى والمجتمعى لهن، مع مراعاة اختلاف أوضاع العاملات فى القطاعات المختلفة.
والثالث أن ارتباط النمو الاقتصادى بسياسات تهدف إلى تحقيق عدالة اجتماعية شرط لا بديل عنه للحد من الفقر، لأن ثمار هذا النمو لا تناسب تلقائيا فى المجتمع. والرابع أن التعليم فى بلادنا لا يؤدى وظيفته فى الحد من الفقر، وهى تحقيق حراك اجتماعي، ورفع إنتاجية العمل0 ولذا يتوجب رسم سياسة تعليمية بديلة، والاسترشاد فيها بالتجارب الناجحة فى العالم. وفى الكتاب عرض مفيد وغنى لأهم هذه التحارب.
أما العنوان الخامس فهو أن مكافحة الفقر تتطلب أيضاً مراجعة جوهرية للسياسة الصحية باتجاه حل مشكلات عدم المساواة فى الحصول على الرعاية، وتوسع الفجوة بين الشرائح الأعلى والأقل دخلاً، وغياب معايير الجودة، وضعف برامج الوقاية. كما تقتضى هذه المكافحة تطوير سياسات الإسكان، وبصفة خاصة سياسات تمويل إسكان الفقراء.
والحق أن الإطلاع على هذا الكتاب ضرورى لصانعى السياسات العامة، كما لدارسيها والمعنيين بتطويرها لتؤدى دورا أكثر فاعلية فى مكافحة الفقر.