بقلم : د. وحيد عبدالمجيد
كثيرًا ما تخطئ جائزة نوبل للسلام طريقها. لم يكن الخطأ كبيرًا جدًا هذا العام، إذ مُنحت الجائزة إلى منظمة فيهون هيدانيكو اليابانية المناهضة للأسلحة النووية. وهى أحد مستحقى الجائزة، ولكنها ليست الأجدر بها هذا العام تحديدًا. دور هيدانيكو ليس جديدًا، ولن يتوقف. ولذا يمكن منحها الجائزة فى العام المقبل أو بعده، وكان هذا ممكنًا فى سنوات ماضية خاصة عام 1962 أو 1963 حين كان العالم على حافة حرب خلال أزمة الصواريخ السوفيتية فى كوبا.
كما أن مناهضة الأسلحة النووية ليست حكرًا على المنظمة اليابانية، وما ورد فى حيثيات قرار الأكاديمية السويدية ينطبق على كثير غيرها: ( جهودها من أجل عالم خال من الأسلحة النووية ..). أما دور وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين «الأونروا»، فلا نظير له. وازدادت أهميته منذ بدء جرائم الإبادة الجماعية فى غزة، إذ صمدت رغم استهداف مقارها والعاملين فيها، وواجهت بشجاعة حملة الصهاينة لشيطنتها ومحاولاتهم اليائسة لتشويهها، وتمكنت إدارتها من إثبات زيف كل ما اتُهمت به، ومازالت صامدة فى الوقت الذى قلصت منظمات دولية رسمية أخرى نشاطاتها، وهربت منظمات غير حكومية.
ولهذا اعتبرها كُثُر فى العالم المرشح الأول لنيل الجائزة، فى ظل عدم وجود منافس على المستوى نفسه. محكمة العدل الدولية مثلاً لا تستحق الجائزة بأى حال، بعد امتثالها للضغوط وامتناعها عن الأمر بوقف الإبادة الجماعية بشكل فوري. وهناك من رُشحوا على أساس أن تاريخ الجائزة يدل على أنها كثيرًا ما تضل طريقها، مثل الملياردير الأمريكى إيلون ماسك.
وليس أدل على استحقاق «الأونروا» الجائزة هذا العام تحديدًا من تقدير مدير معهد أوسلو لأبحاث السلام «سيبري» الذى يُصدر قائمةً مصغرةً كل عام. فقد وضعها فى المقدمة، وأكد أن هذا لا يعنى دعم «حماس». وقل مثل ذلك عن وسائل إعلام غربية عدة مثل «فاينانشيال تايمز» التى ورد فى تقرير نشرته قبل 48 ساعة من إعلان الفائز أن دور الأونروا فى الظروف الراهنة يعزز مركزها. ولكن هذه ليست المرة الأولي، ولن تكون الأخيرة، التى تضل فيها الجائزة الطريق.