صلاح منتصر
هذا رأى قد يكون صادما وهو أن القوات المسلحة المصرية تحملت العبء الأكبر فى كل الحروب التى جرت مع اسرائيل اعتبارا من سنة 48 مرورا بـ 56 و67 وأخيرا 73 ، بينما الشعب المصرى فى المدن والمحافظات كان يعيش زمن الحرب ، لكنه لم يعرف نيرانها ولم يتعرض لما تعرضت له شعوب أوروبا فى حروبها من دمار وخراب وجوع .
مرة واحدة فى أبريل 1970 قصفت طائرات الفانتوم الاسرائيلية بالخطأ مدرسة للأطفال اسمها مدرسة بحر البقر فى مركز الحسينية بمحافظة الشرقية ومات فى القصف 30 طفلا وأصيب 50 بينما تم تدمير مبنى المدرسة تماما ، وقد أثار الحادث الاسرائيليين بشدة ليس لأسباب انسانية ، وانما لأن الدراسات التى أعدها أكبر مراكز البحوث الاسرائيلية ظلت تحذر الحكومة الاسرائيلية من وصول عمليات الحرب مع مصر الى المصريين فى شخوصهم وبيوتهم وأملاكهم . ذلك أن أهم دروس الحروب كما ذكرت الدراسة تؤكد أنه ليس هناك شعب جرى تدميره فى حرب ، الا ووقف وقبل التحدى وعاد أقوى وأشد مما كان قبل الحرب .
حدث هذا لأوروبا واليابان وألمانيا وغيرها ، وكان التصور أن آثار الحرب فى هذه الدول سوف تستمر عقودا تاركة آثارها للأجيال ، لكن قوة التحدى لدى هذه الشعوب أعادت وبسرعة بالغة بناء ما جرى تدميره وقوت هذه الشعوب ، بحيث يصعب على من يزور أوروبا أو اليابان الآن تصور أنها دخلت حربا جرى لها فيها ما جرى .
وما حدث فى أوروبا حدث أيضا فى مدن القناة التى تم تدميرها ولكن فى سنوات قليلة أعيد بناؤها وكأن حربا لم تكن !
وأمامنا نموذج القوات المسلحة التى دمرتها اسرائيل نفسيا ومعنويا وتسليحيا عام 67 وبدا أنه لن تعود اليها الحياة ، لكنها بقوة التحدى استطاعت تنظيم صفوفها واستعادة قدراتها خلال ست سنوات فقط صنعت بعده نصرا لم يكن متصورا بكل المقاييس . ولهذا ظل الاسرائيليون حريصين على عدم اقتراب نيران الحرب من المصريين ، والا لنا تصور ماذا لو كانوا أخطأوا وجعلوا الشعب يعيش زمن الحرب ويكتوى فعلا بنيرانها ؟!