صلاح منتصر
الدولة التى يزورها الرئيس السيسى اليوم تحتاج من الرئيس أن يتعمق فى أحوالها ، وألا تكون زيارته لها عابرة ، وأن يسأل كثيرا كما سأل آخرون قبله زاروا سنغافورة وتعلموا منها الطريق إلى إصلاح ونهضة بلادهم.. دينج شياو بنج فى الصين وزايد بن سلطان فى أبو ظبى ومهاتير محمد فى ماليزيا ومحمد بن راشد المكتوم فى دبى وغيرهم، حتى هنرى كيسنجر أحد أشهر سياسيى القرن العشرين اعترف بعد وفاة مؤسس سنغافورة ز لى كوان يو ز فى مارس الماضى بأنه اجتمع به مرات عديدة ليتعلم منه.
وقد تسلم لى كوان يو سنغافورة عام 1959 وقاد إستقلالها عن ماليزيا وكانت عبارة عن مستنقعات ولا ماء ولا موارد طبيعية وشعب منقسم بين الإسلام والمسيحية والبوذية ويتحدث الإنجليزية والصينية والمالاوية. وفى خلال 25 سنة إستطاع لى كوان بدون الخطب الفياضة التى كان يتميز بها زعماء ذلك العصر أن يحول شعبه إلى سبيكة متجانسة تحترم عقائدها، وأن يحولها إلى واحدة من أهم المراكز الاستثمارية والمالية والسياحية والصناعية فى العالم، وهى اليوم رابع أهم مركز مالى فى العالم وخامس ميناء من حيث النشاط وتاسع أعلى احتياطى فى العالم رغم أن عدد سكانها نحو خمسة ملايين، لكن بالمقارنة لمساحتها المحدودة التى لا تتجاوز 700 كيلومتر مربع تعتبر ثالث دولة فى العالم من حيث الكثافة السكانية.
ولم يكن لى كوان يو ساحرا وإنما كان مصلحا وضع هدفا له التعليم والبدء من حيث انتهى الآخرون واختيار أحسن الكفاءات ليصبحوا وزراء ومنحهم أعلى مرتبات ، فى مقابل قطع رقبة من ينحرف . وكانت أهم قاعدة التزم بها لى كوان يو قاعدة عدم الاستثناءات خصوصا فى تطبيق القوانين فمن يلقى ورقة أو يمضغ لبانة أو يدخن سيجارة أويتعاطى المخدرات أو يخالف قواعد المرور يخضع لعقوبة لا ترحم ولا يستثنى منها .
يعاب على لى كوان أنه قيد حرية الرأى ومعارضيه ، لكن فى مقابل ذلك كان أفضل كثيرا من الذين أخذوا عنه قيود الحرية وتركوا بلادهم غارقة فى تركة تجاربهم الفاشلة !