بقلم : صلاح منتصر
رغم مرور 46 سنة على وفاة جمال الناصر ولد خلالها جيلان جديدان ( الجيل عمره 25 سنة ) فإن من يتأمل الواقع يجد أن أيديولوجية عبد الناصر مازالت مسيطرة على مصر، هذا مع أنه ليست مصادفة أن الاشتراكية التى أقام عليها عبد الناصر حكمه، قد زالت واختفت من جميع الدول التى تبنتها بطريقة تشبه قصور الرمال التى يتعب الأطفال أنفسهم ويمضون الساعات فى إقامتها ثم فى ثوان تمتد مياه موجة وتذيب هذه القصور . فى الإتحاد السوفيتى ودول أوروبا الشرقية والصين ، الكل ودع الاشتراكية ، أما فى مصر ورغم أن السادات حاول فإن الشعور أننا حائرون بين سيطرة فكر عبد الناصر وانفتاح السادات !
فى ذكرى الأربعين لوفاة الرئيس عبد الناصر عام 1970 كتب الأستاذ محمد حسنين هيكل مقالا عنوانه «عبد الناصر ليس أسطورة» قال فيه نصا حتى آخر الفقرة : ولقد كان أكثر ماينفر منه جمال عبد الناصر فى حياته هو عبادة الفرد أو على الأقل لا يستسيغ المنطق الذى تستند إليه مهما كانت مبرراته، وأذكر فى ذلك وقائع كثيرة، كانت هناك تجارب يقدرها حق قدرها ويعجب بما حققت أشد الإعجاب ، لكنه كان يصل إلى نقطة تقديس الزعيم فيها ويقول ـ وأنقل عن مذكرات كتبتها حرفيا لنصوص كلماته ـ لا أعرف لماذا تورطوا فى مثل ذلك . إنه ليس خطأ فى فهم دور الفرد فحسب ، ولكنه يمكن أن يشكل عقبة أمام التطور أيضا لأنه يعطى للأموات وصاية على الأحياء ، وليس ذلك إنصافا لا للأموات ولا للأحياء ( وانتهى نص ماكتبه هيكل فى أربعين عبد الناصر )
ومشكلة المؤمنين بالناصرية إلى حد القداسة أنهم يعتقدون أن أى انحراف فى طريق عبد الناصر يسىء إلى الرجل بينما الدول التى سلك عبد الناصر فى زمانه عقيدتها انحرفت عن طريق مؤسسيها مثل ستالين وماوتسى تونج، ولو امتدت الحياة بعبدالناصر لأدرك الأخطاء التى حدثت وجعل مصر مثل هذه الدول التى انفتحت لتعيش عصرها ولاختار أن يكون كوريا الجنوبية لا الشمالية !