بقلم : صلاح منتصر
أهدانى الدكتور محمد عبد الرحمن الشرنوبى الأمين العام للمجمع العلمى المصرى، عملا يعد من أهم الأعمال التاريخية والسياسية والثقافية والعسكرية التى أصدرها المجمع ويتضمن فى جزءين (1150 صفحة) ترجمة إلى العربية لجميع الأوامر والرسائل التى أصدرها «نابليون بونابرت» فى حملته التى قاد فيها «جيش الشرق» ـ كما أطلق عليه ـ والذى أعده لغزو مصر عام 1798.
أشرف على ترجمة الأوامر الأستاذ الدكتور أحمد يوسف الأستاذ بالجامعات الفرنسية وعضو المجمع العلمى المصرى والكاتب الذى أفخر بزمالته فى الأهرام ومتابعة مقالاته الأسبوعية. وقد قدم للعمل الضخم بكلمة كشف فيها أن هذه الأوامر العسكرية التى وقعها بونابرت فى القاهرة طوال نحو 13 شهرا أقامها فى مصر من يوليو 1798 وحتى أغسطس 1899، وقد أفرجت عنها وزارة الدفاع الفرنسية قبل نحو عشر سنوات.
وأهم مافى هذه الرسائل التى اعتبرها يوميات نابليون فى مصر أنها تكشف عن قائد من طراز غريب يكاد يعرف اسم كل فرد فى حملته التى كتب الرافعى نقلا عن المؤرخ عبد الرحمن الجبرتى شاهد ذلك العصر، أنها ضمت 36 ألف جندى حملتهم نحو 300 سفينة بحراسة 55 قطعة حربية . وفى هذه اليوميات والأوامر يعبر نابليون عن مكنونات نفسه ومشاعره تجاه جنرالاته وجنوده وتجاه الشعب المصرى وكيف أنه كان بالغ الإنسانية فى بعض المواقف، وبالغ القسوة فى التعامل مع الفرنسيين.
يعد العمل المترجم الرائع الذى راجعه الدكتور الشرنوبى، آخر ما تولاه الراحل العظيم الدكتور إبراهيم بدران رئيس المجمع ، وقد كتب مقدمة موجزة قال فيها: إن هذه الرسائل تعكس شخصية القائد المستبد المتناقض المغرور الذى كان يدرك أن الجوانب الإنسانية مطلوبة أحيانا فكان يترفق ببعض كبار القوم إن أذعنوا أو غلبوا على أمرهم أو طوردوا، وكان يحسن العسكرية التقليدية القائمة على استقطاب أهل البلاد واسترضائهم، لكنه فى الوقت نفسه لا يتوانى عن إلقاء الأوامر بحرق قرية كاملة بمن فيها أو إعدام عدد من المناوئين بقسوة دون مراجعة للعفو . سلمت كل يد شاركت فى العمل الذى نقلب غدا بعض صفحاته..