بقلم : د.أسامة الغزالي حرب
أحد التقاليد التى سادت فى السياسة المصرية لعقود خلت، هى تكوين ما اصطلح على تسميته «وفد شعبى و إعلامى» يصاحب رئيس الجمهورية فى رحلاته الخارجية. وهذا ابتداء يختلف عما يحدث أحيانا لدى زيارة رئيس أى دولة لأخرى من مصاحبة مجموعة من رجال الأعمال أو الخبراء له...ذلك أمر بدهى ومنطقى. إننى أتحدث عن «الوفد الشعبى والإعلامى» الذى لا يسهم فى عملية سياسية أو تفاوضية معينة، والذى يكون مطلوبا منه فقط تدبير مظاهرة أو حشد يتوهم أنه يثبت للدولة المعنية مدى حب الشعب المصرى لرئيسه، وتزاحمهم للترحيب به والهتاف باسمه، و هى الممارسة التى تمت على نحو فج وسخيف فى اثناء رحلة الرئيس لألمانيا فى يونيو من العام الماضى. وربما لهذا السبب تغير «الوفد الشعبى والإعلامى»، على النحو الذى رأيناه فى زيارة الرئيس لنيويورك. و وفقا لما قرأته، فإن هذا الوفد يضم 24 عضوا بمجلس النواب ومجموعة من الصحفيين والشخصيات العامة، وهنا يثور أكثر من تساؤل، أولها: من يختار هذا الوفد الشعبى الاعلامى؟ لا أعرف الإجابة الدقيقة ولكن إذا كانت جهة رسمية هى التى تختاره...فكيف يجوز وصفه بأنه وفد «شعبى»؟ إننى اتصور أن يتم اختيار أعضائه بواسطة المؤسسات التى ينتمون إليها وفق معيار الأكثر قدرة على تمثيل البلد، والقدرة على الإستفادة من الزيارة. غير أننى أتوقف هنا بالذات عند الوفد الصحفى والإعلامى! فالمتصور أن أعضاء هذا الوفد لهم مهمتهم أو وظيفتهم الاعلامية التى لا علاقة لها بمهمة «الوفد الشعبى»! وفضلا عن ذلك فإن المسألة الأهم هنا فى نظرى هى «من يدفع نفقات سفرهم وإقامتهم؟» فاتساقا مع مبادئ حرية الصحافة واستقلالها لا يتصور ان يدفع نفقات سفر وإقامة الصحفى والإعلامى إلا المؤسسة التى يعمل بها، وهل يمكن أن نتصور مثلا صحفيا فى لوموند يسافر مع الرئيس الفرنسى على نفقة قصر الإليزيه أو صحفيا فى أساهى يسافر على نفقة الحكومة اليابانية؟....أليست هذه بدهيات حرية الإعلام و حرية الصحافة؟!.