بقلم : مكرم محمد أحمد
يبدو أن المحافظين الإيرانيين يعانون ظهور طبقة متوسطة واسعة ضاقت ذرعا بتدخل الدولة الإيرانية في الحريات الشخصية للأفراد، وتظهر الآن تمردها علي القيود الكثيرة التي يفرضها المحافظون، وتمنع حفلات الرقص والموسيقي وارتداء السيدات الملابس الضيقة أو إظهار خصلات كبيرة من شعورهن، كما تمنع ظهور الشباب والشابات معا في الشوارع والحدائق العامة وتستوقفهم للتأكد من أنهم متزوجون مع الحرص علي ارتداء النساء الشادور والحجاب.
وتمتليء حدائق طهران الآن ببالكثير من الشباب من الجنسين يتنزهون معا دون أن يتعرضوا لمساءلة (الشرطة الأخلاقية) في مظاهر جديدة لم تعرفها العاصمة الإيرانية علي امتداد الثورة الإسلامية، كما تمتليء أسطح البيوت بالأطباق اللاقطة لمحطات التليفزيون العالمية رغم أنها محرمة قانونا، ومع ذلك فإن نصف سكان طهران يستخدمونها علنا.
والواضح أن الرئيس الإيراني حسن روحاني يدعم توسيع الحريات الخاصة بصورة متدرجة، وقد طلب أخيرا من الشرطة الإيرانية عدم التدخل لفرض القيم الإسلامية علي أردية الناس في الشوارع، وعدم توقيف النساء بحجة أن تبرجهن أكثر من اللازم أو يظهرن خصلات واسعة من شعورهن، كما صدرت الأوامر لشرطة الأخلاق بان تمارس بصورة اخف رقابتها علي الأفراح وحفلات الزفاف التي يتم بعضها الآن خارج المدن وتصحبها فرق موسيقية يرقص علي أنغامها الرجال والنساء بعد منتصف الليل واثقين من أن الشرطة الأخلاقية سوف تغمض عينها قصدا وعناية، بعد أن تم منعها من مصادرة أجهزة التصوير والأفلام خاصة في حفلات الزفاف، كما منعت من عمليات التفتيش المفاجئ علي صالونات زينة النساء،
ومن المظاهر الجديدة في طهران الآن أن تصحب بعض السيدات كلابهن في الأماكن الخلوية او حدائق المدينة وهو الأمر الذي كان محرما تماما قبل عدة شهور، لكن الإسلام الشيعي لا يزال هو المسيطر في الأغلب علي سلوك الشارع الإيراني، وفي مرات كثيرة تعاود الحملات المفاجئة للشرطة الأخلاقية الظهور العلني لتمارس بعض صور الرقابة لإثبات أن المحافظين لا يزالون يسيطرون علي البلاد، وأن لهم الكلمة الأخيرة، رغم تساهلات روحاني.
والواضح أن هذا القدر المحدود من الحريات الشخصية التي تتمتع به نساء طهران وشبابها الذي فرض إلغاء هذه القيود بحكم الأمر الواقع، سوف يظل مرتبطا بمدي قوة الرئيس حسن روحاني ومدي احتياج طهران إلي علاقات وثيقة مع الولايات المتحدة التي تطالب طهران بتوسيع نطاق الحريات العامة والشخصية وتعتبر ذلك جزءا من عملية تطبيع العلاقات بين البلدين.