الثورة مستمرة على الطائفية

الثورة مستمرة على الطائفية!

الثورة مستمرة على الطائفية!

 العرب اليوم -

الثورة مستمرة على الطائفية

بقلم : مكرم محمد أحمد

اشتعلت الثورة جنوب العراق من جديد وأخذت طوراً مُختلفاً زاد من فاعليتها، ورفع سقف مطالبها، ووسع من نطاق انتشارها حتى وصلت إلى العاصمة بغداد مع استمرارها للأسبوع الثالث على التوالى، وارتفاع عدد ضحاياها إلى 13 قتيلاً لقوا مصرعهم فى الصدامات المبتكرة مع قوات الأمن, وإصابة 729 شخصا نصفهم من عناصر الأمن وقوات الشرطة، ولأول مرة ظهرت فى شوارع مدن جنوب العراق تجمعات منظمة تطلق على نفسها لجان التنسيق تنظم حشود المحتجين، وتحميها وتوحد الشعارات التى ترفعها جماهير الثائرين، وفى جنوب البصرة فى محافظة المثنى توعد شيوخ العشائر بإغلاق مجلس المحافظة ومكاتبها إذا لم تتم الاستجابة لمطالبهم التى توحدت فى إسقاط الأحزاب الطائفية وحظر عملها السياسى وإعادة كتابة دستور البلاد.

وقال فاضل الغراوى عضو مفوضية حقوق الإنسان إن القوات الأمنية أطلقت سراح أغلب المعتقلين فيما تعرض 91 مبنى حكوميا وسكنيا إلى أضرار بسبب الاحتجاجات، ورغم الوعود التى أطلقها رئيس الوزراء حيدر العبادى للتخفيف من وطأة الأزمة بإطلاق 10 آلاف وظيفة جديدة فى محافظة البصرة، إلا أن التظاهرات والاحتجاجات لا تزال مستمرة، تكتسب كل يوم زخما جديدا وسط حملات التشكيك فى جدية هذه الوعود التى أطلقتها حكومة العبادى المنتهية ولايتها، بينما تتعثر ولادة الحكومة الجديدة التى يشكلها الزعيم مقتدى الصدر الذى حصل تحالفه على أكبر عدد من مقاعد البرلمان العراقى الجديد، لأن التوافقات الحزبية حول تشكيل الحكومة الجديدة لا تزال متعثرة، فضلا عن أن الشارع فى جنوب العراق يرفض كل الأحزاب الطائفية بما فيها حزب الدعوة الذى ينتمى إليه حيدر العبادى، ويرى أنها تعمل لصالح إيران بأكثر من تعبيرها عن مصالح الشعب العراقى.

ورغم أن إيران كانت أحد الأسباب الرئيسية فى اندلاع ثورة الغضب جنوب العراق عندما امتنعت عن تصدير الكهرباء إلى العراق فى هذا القيظ الشديد الذى وصلت فيه درجة الحرارة جنوب العراق، بما أدى أيضا إلى ندرة المياه وزيادة معاناة العراقيين بدعوى أن العراق لم يسدد فواتير الكهرباء رغم سيطرة إيران وهيمنتها السياسية على العراق، وكان من نتائج هذه الخطوة الغبية أن أصبحت إيران موضع سخط العراقيين بصرف النظر عن أن الجميع شيعيون، كما أصبحت الأحزاب الشيعية فى العراق موضع انتقاد العراقيين الشديد فى جنوب العراق، لأنها تعكس مصالح إيران بأكثر من تعبيرها عن مصالح العراقيين، لكن ثمة من يرون أن إيران ربما تكون المستفيد الأول من أحداث جنوب العراق لرغبتها الشديدة فى عرقلة تصدير نفط العراق إلى الأسواق العالمية، بما يشكل عنصرا ضاغطا على إدارة الرئيس الأمريكى ترامب، يدفعها إلى إعادة النظر فى قرارها بمنع تصدير نفط إيران إلى الخارج وحرمان طهران من عوائد النفط الذى توقف تصديره، خاصة أن مرشد الثورة الإيرانية على خامنئى أعلن أخيرا وبوضوح كامل تهديداته بعرقلة صادرات النفط من جميع دول الخليج حال منع الولايات المتحدة مبيعات نفط بلاده حتى ولو تطلب الأمر إغلاق مضيق هرمز.

ووسط غمار هذه الأزمة، اكتشف أغلب العراقيين شيعة وسُنة أسباب سعى إيران إلى طمس الهوية العربية للعراق، ورأوا فى تعزيز انتماء العراق العربى الرد الصحيح على مؤامرات طهران، وأن الطبقة السياسية فى جنوب العراق لا تعمل لصالح العراق وإنما تعمل لصالح إيران، ثم جاءت خطوة الكويت العروبية لتثبت لكل العراقيين أن هناك فرقا، وأن الانتماء القومى هو السند الحقيقى للعراق وليست العزلة الطائفية. وما من شك أن الكويت أصابت الطائفية فى العراق فى مقتل عندما أظهرت الوجه الأخلاقى الصحيح للانتماء العربى، وقررت أن تضىء ظلام جنوب العراق الذى فرضته هيمنة فارس بوصول ناقلة نفط عملاقة كويتية تحمل 18 ألف طن من الوقود هدية من أمير وشعب الكويت لتشغيل محطات البصرة المتوقفة وإنارة جنوب العراق إضافة إلى 17 مولدا كهربائيا متنقلاً بطاقة تبلغ 30 ألف كيلو وات فى عمل سياسى إنسانى رائع أزاح القناع عن الوجه الفارسى القبيح لإيران. لقد سعت الطائفية فى العراق إلى التغطية على طبقة سياسية فاسدة، ارتضت باسم الانحياز الطائفى تهميش مصالح بلادها وإضعاف هوية العراق العربية وفصم عراه ليصبح من حق كل محافظة أن تطالب بإعلان الحكم الذاتى فى دستور طائفى تمت صياغته تحت سنابك الاحتلال الأمريكى، لكن إقدام إيران على قطع الكهرباء عن جنوب العراق فى هذا القيظ الصعب كشف الوجه القبيح للطائفية، وأطلق حركة إحتجاج قوية تعبر حقاً عن ضمير العراق، تطالب بأحزاب جديدة عراقية الهوية تنتصر أولاً للشعب العراقى وكتابة دستور جديد ينتصر لحقوق المواطنة الكاملة لكل عراقى، سُنيا كان أم شيعيا أم كُرديا أم يزيديا دون تمييز فى الجنس أو اللون أو الدين.
المقال يعبّر عن رأي الكاتب وليس بالضرورة رأي الموقع
المصدر: الأهرام

arabstoday

GMT 22:14 2020 الخميس ,06 آب / أغسطس

أخبار عن اللاساميّة وماليزيا وآيا صوفيا

GMT 00:18 2020 الأربعاء ,05 آب / أغسطس

رسالة إسرائيلية.. أم إنفجار؟

GMT 03:49 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

الموجة الجديدة من الحراك العربي

GMT 03:43 2019 الأربعاء ,30 تشرين الأول / أكتوبر

لبنان بين صيغتين

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الثورة مستمرة على الطائفية الثورة مستمرة على الطائفية



إطلالات هند صبري مصدر إلهام للمرأة العصرية الأنيقة

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 19:56 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع
 العرب اليوم - البرهان يؤكد رفضه أي مفاوضات أو تسوية مع قوات الدعم السريع

GMT 03:09 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية
 العرب اليوم - عدوان جوي إسرائيلي يستهدف الحدود السورية اللبنانية

GMT 02:40 2024 الثلاثاء ,26 تشرين الثاني / نوفمبر

القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم
 العرب اليوم - القهوة والشاي الأسود تمنع امتصاص الحديد في الجسم

GMT 19:23 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة
 العرب اليوم - ميادة الحناوي تحيي حفلتين في مملكة البحرين لأول مرة

GMT 07:22 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

دراسة تحذر من أن الأسبرين قد يزيد خطر الإصابة بالخرف

GMT 10:18 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

الوجدان... ليست له قطع غيار

GMT 09:52 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

كفاءة الحكومة

GMT 08:18 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض مسيّرة قبالة سواحل حيفا

GMT 22:55 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

إسرائيل تتجه نحو اتفاق لوقف إطلاق النار في لبنان

GMT 21:25 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

هوكشتاين يُهدّد بالانسحاب من الوساطة بين إسرائيل ولبنان

GMT 10:02 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

اثنان فيتو ضد العرب!

GMT 11:05 2024 الإثنين ,25 تشرين الثاني / نوفمبر

محمد صلاح يعبر عن استيائه من إدارة ليفربول ويقترب من الرحيل

GMT 08:16 2024 الأحد ,24 تشرين الثاني / نوفمبر

"حزب الله" يعلن استهداف قوات إسرائيلية في الخيام والمطلة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab