معركة المساحات

معركة المساحات

معركة المساحات

 العرب اليوم -

معركة المساحات

عمرو الشوبكي

فى مصر معارك كثيرة، وحالة استقطاب واسعة، وخطاب كراهية غير مسبوق، وحالة انفلات سياسى وإعلامى كبيرة، لن ننجح فى مواجهتها أو تقليل تأثيرها إلا إذا اعتبرنا أن المعركة الحقيقية تستلزم عملاً دؤوباً لتوسيع المساحات التى تؤسس لدولة القانون والمؤسسات.

معركة المساحات هى معركة بالنقاط، وهى أكبر من معارك الاتجاهات السياسية وبرامج الأحزاب، لأنها هى التى تؤسس للمراحل الجديدة فى تاريخ الشعوب. ففى مصر على سبيل المثال قوة الوفد قبل ثورة يوليو لم تكن أساسا فى برنامجه السياسى، إنما فى المساحة الجديدة التى أخذها لحظة التأسيس الأولى عقب ثورة 1919، ووضع قضية الاستقلال والدستور على سلم أولويات المجتمع المصرى عبر الحضور الشعبى، وبصرف النظر عن مساحات النجاح أو الإخفاق.

الأمر نفسه ينسحب على ثورة يوليو وجمال عبدالناصر، فالنجاح الذى تحقق تمثل فى المساحة الجديدة التى أسست لنظام جديد بدلاً من النظام القديم، ونظام جمهورى أحل مكان النظام الملكى.

معركة المساحات الجديدة هى المعركة الأولى لأى نظام سياسى يرغب فى أن يكون جديداً، وهى التى تجمدت طوال ما يقرب من 40 عاما من المباركية ومخلفاتها، والتى تريد أن تعود مرة أخرى مستغلة حالة الحياد السلبى للدولة فيما يتعلق بالأوضاع الداخلية، على عكس السياسة الخارجية، فى مفارقة مقلقة.

المساحات الجديدة تبدأ بوضع الأهداف العليا والأسس التى ترغب أى دولة فى تحقيقها وليس الاكتفاء بإدارة مشاكل البلد (وهى كثيرة وثقيلة) باليومية والقطعة كما اعتدنا طوال العقود الثلاثة الماضية.

المساحات الجديدة تعنى وضع نمط جديد للحكم، وبيئة سياسية وقانونية جديدة يشعر معها الناس بأن هناك تغييراً حدث، وليس مجرد شعارات ترفع لا تؤثر كثيرا، لأنها مكبلة بنفس المنظومة القديمة التى لم تتغير.

المساحات الجديدة لا تشغل نفسها كثيرا بخطاب الإقصاء، ولا تعتبر هدفها الوحيد فى الحياة هو إقصاء المنافسين والخصوم، سواء كانوا من رجال الحزب الوطنى وفلول النظام القديم، أو الأحزاب الإسلامية الملتزمة بالدستور والقانون، أو ثوار 25 يناير، باعتبارهم أجندات خارجية، أو السياسيين الذين تجاوزوا السبعين عاما، لأنه حان وقت رحيل دولة العواجيز.

المساحات الجديدة تشغل نفسها بالمنظومة الجديدة، والتقدم ولو خطوة نحو تأسيس نظام جديد وإدارة عملية سياسية غير قائمة على ثقافة الإقصاء، وتجرم خطاب التخوين والتكفير، وتؤسس لمرحلة جديدة يتنافس فيها الجميع بشكل حر وفق قواعد جديدة تضعها الدولة.

مهمة المساحات الجديدة هى تفعيل القواعد القانونية والدستورية التى تحول دون عودة ممارسات الحزب الوطنى القديمة مرة أخرى، من تزوير وبلطجة ومال سياسى، وليس الانتقام وتصفية الحسابات مع أشخاصه.

لم يشعر الكثيرون أن هناك إدارة جديدة للعملية الانتخابية والسياسية، فعودة الوجوه القديمة صاحبتها مؤشرات واضحة على عودة الأساليب القديمة، وهنا مكمن الخطر الكبير على مستقبل هذا البلد.

إذا تفرجت الدولة أو عجزت عن مواجهة الأساليب القديمة من مال سياسى وبلطجة وشراء أصوات، فإننا سنخسر حتماً معركة المساحات، وسنعود إلى المربع الأول من حيث التعثر والانفصال عن المجتمع. إن الإدارة بالطريقة القديمة هى أخطر ما يواجه مصر.

arabstoday

GMT 08:02 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

الملحمة الكبرى

GMT 08:00 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

هل صاحب «ويكيليكس» على حق؟

GMT 07:58 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

هزيمة «المحافظين» ذاتية

GMT 07:56 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

في الوحدة والتقسيم والفيدراليّة وسواها...

GMT 07:55 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

لماذا لا تُفتح أبواب السلام؟

GMT 07:52 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

جبهات نتنياهو في حربه الأخيرة

GMT 07:51 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

بايدن ـــ ترمب... المناظرة ورهان الفوز

GMT 07:48 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

الحياة مع الاستدانة وبعدها... مرة أخرى

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

معركة المساحات معركة المساحات



 العرب اليوم - هنية يؤكد أن أي اتفاق لا يضمن وقف الحرب في غزة "مرفوض"

GMT 00:37 2024 الأربعاء ,26 حزيران / يونيو

أحمد عز مع سيد رجب للمرة الثانية على المسرح
 العرب اليوم - أحمد عز مع سيد رجب للمرة الثانية على المسرح

GMT 14:29 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

الإفراط في تناول الفلفل الحار قد يُسبب التسمم

GMT 00:29 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

نعم لغزة وفلسطين ولا للميليشيات

GMT 03:16 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

جولة في مطار بيروت لتفنيد تقرير تلغراف

GMT 06:07 2024 الثلاثاء ,25 حزيران / يونيو

الأهلي يعلن فوزه في مباراة القمة رسميًا

GMT 15:54 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

غوغل تجلب الذكاء الاصطناعي إلى طلاب المدارس

GMT 14:45 2024 الإثنين ,24 حزيران / يونيو

أسماك القرش تُودي بحياة ممثل أميركي في هاواي
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab