مصر الأخرى

مصر الأخرى

مصر الأخرى

 العرب اليوم -

مصر الأخرى

عمرو الشوبكي

لم تتغير كثيراً أحوال مصر منذ زمن، وحافظت على انقسامها بين مصر التي نريدها ونتمناها فتظهر للحظات، وبين أخرى مستمرة معنا على أرض الواقع لسنوات وعقود.
نعم، مشروع الفرع الثانى لقناة السويس يمثل مصر التي نتمنى أن تسود في معانى الجدية والمهنية وليس النفاق لأى سلطة بمشاريعها الناجحة أو الفاشلة.

صور تأميم القناة وانتصار 56 السياسى وبناء السد العالى وحرب أكتوبر ومترو الأنفاق والمجرى الثانى لقناة السويس هي إنجازات للشعب المصرى في الحرب والسلم على مدار تاريخه الطويل، وفى نفس الوقت هناك حقائق الفقر والإهمال والفساد والتسيب التي نعانى منها منذ عقود وتعمقت في السنوات الأخيرة، ولا يبدو في الأفق أن هناك تصوراً لمواجهتها.

هل هي صدفة أم واقع أليم أنه في الوقت الذي تستعد فيه مصر لاستقبال يوم 6 أغسطس، تاريخ افتتاح القناة الموازية، أن يموت 40 مصرياً بسبب ارتطام مركب متهالك بآخر ينقل مصريين بسطاء في منطقة الوراق، وبعدها بأيام قليلة يموت 30 مصرياً آخرون حرقاً في أحد مصانع سوق العبور نتيجة الإهمال والفساد.

نحن لا نتحدث عن إرهاب تحدياته كثيرة وشهداؤه أكثر، ولا عن أمور استثنائية تحدث في أي مجتمع، إنما عن واقع أليم ومستمر عابر لكل النظم والعهود، أبطاله مثلث الفساد والإهمال وانعدام المهنية.

يقيناً، إن عهد مبارك كان العهد التأسيسى لحوادث الإهمال التي عكست حجم التدهور الذي أصاب مؤسسات الدولة، واستلزم إصلاحات جراحية لم نرها رغم قيام ثورة 25 يناير، واستمرت معنا حوادث الفشل والإهمال.

هل نتذكر حادث العبارة في تسعينيات عهد مبارك، الذي راح ضحيته أكثر من 1000 مواطن نتيجة تحرك فرق الإنقاذ بعد أكثر من 9 ساعات، وقيل إن السبب الرئيسى كان نوم مبارك وعدم رغبة المسؤولين في إيقاظه.

هل نتذكر أطفال قطار أسيوط الذين سقطوا في عهد مرسى، ومات 52 طفلاً بريئاً ضحية الإهمال وانهيار الرقابة والفشل الإدارى المزمن في هيئة السكة الحديد؟

سقط هؤلاء الأطفال بسبب الإهمال والفوضى والتسيب، وراحوا لنفس أسباب «الصندل» الغارق والمصنع المحترق، أي الإهمال الذي لا يرحم والرعونة التي لا نريد أن نتركها.

أذكر أنى كتبت في 19 نوفمبر 2012 مقالاً بعنوان «دماء على قضبان الإهمال» تعليقاً على هذا الحادث، وقلت: «للأسف الرسائل التي خرجت من إخوان الحكم بدت وكأن ليس لها هدف ولا قدرة ولا رؤية لإصلاح هذه المؤسسات، إنما الانتقام وتصفية الحسابات معها: من القضاء ورجال الأعمال إلى الجهاز الإدارى والشرطة، لأن خطابهم السطحى والاستقطابى يدفع هذه المؤسسات إلى (التمترس) حول الذات ومقاومة أي رغبة للإصلاح».

وسقط حكم الإخوان، وجاء رئيس جديد من الدولة العميقة، ومصدر ثقة مؤسساتها، إلا أنه لم يقدم أي رؤية لإصلاحها حتى تستطيع أن تواجه مشكلات مصر الحقيقية.

صحيح أن الحكم الحالى لم يخترع هذه الحوادث التي هي جزء من إرث مبارك، المسؤول الأول عن تدهور هذه المؤسسات، إلا أنه لم يقدم رؤية للتعامل مع مخلفات هذا الإرث وإصلاحة جراحياً.

فمادامت هناك قدرة على إنجاز مشروع بحجم قناة السويس بكل هذا الإخلاص والدأب والإصرار، فلابد أن نهتم بتفاصيل الصورة المقلقة في الواقع، لتعرف أننا لن نستطيع أن نستفيد بالصورة المطلوبة من أي مشروع كبير إلا إذا نجحنا في إصلاح مؤسساتنا ووزاراتنا ووسائل مواصلاتنا ومنظومتنا الصحية والتعليمية تدريجياً وجراحياً.

مبروك قناة السويس، ولا تنسوا مصر الأخرى.

arabstoday

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 03:20 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

جديد المنطقة... طي صفحة إضعاف السنّة في سورية ولبنان

GMT 03:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

دعوكم من التشويش

GMT 03:13 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

سوريّا ولبنان: طور خارجي معبّد وطور داخلي معاق

GMT 03:10 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الترمبية انطلقت وستظلُّ زمناً... فتصالحوا

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 03:03 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

زوبعة بين ليبيا وإيطاليا والمحكمة الدولية

GMT 03:01 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ترمب وقناة بنما

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

مصر الأخرى مصر الأخرى



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 15:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

"يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة
 العرب اليوم - "يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

حكومة غزة تحذر المواطنين من الاقتراب من محور نتساريم

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab