عمرو الشوبكي
أعلن مجلس شورى ثوار بنغازى نبأ سقوط مدينة بنغازى القريبة من الحدود المصرية فى أيدى ميليشياته المسلحة، ونفى رئيس الوزراء الليبى، عبدالله الثنى، نبأ سقوط المدينة فى أيدى المجلس، وإن بدا واضحاً أن قوات الصاعقة المتحالفة مع قوات حفتر قد خسرت كل مواقعها فى بنغازى لصالح الميليشيات الجهادية والتكفيرية.
فقد سقط المعسكر الرئيسى للقوات الخاصة والصاعقة، أهم قاعدة عسكرية فى بنغازى، فى أيدى الميليشيات الإسلامية، بعد معارك دامت نحو أسبوع، كما أن المعسكر الرئيسى للقوات الخاصة والصاعقة فى منطقة «بوعطنى»، الواقع جنوب وسط مدينة بنغازى، سقط إثر هجمات متتالية شنتها التنظيمات الجهادية بمختلف أنواع الأسلحة الثقيلة والمتوسطة، بعد نفاد ذخيرة الجنود الذين قتل عدد منهم (حوالى 100 وإصابة المئات) كما أكدت وكالة الأنباء الفرنسية.
والمقلق فى موضوع بنغازى أن هذه الهزيمة تعد أكبر خسارة للجيش، إذ يعتبر المعسكر الذى سقط، الثلاثاء الماضى، أكبر وأهم معقل للجيش النظامى فى مناطق شرق ليبيا بأكملها، ويضم نخبة من المتدربين على مختلف أنواع الأسلحة.
صحيح أن قوات حفتر لاتزال موجودة على تخوم المدينة إلا أن خسارتها معركة بنغازى بعد نصرها الأول مؤكدة، خاصة بعد أن انهالت الأموال القطرية على المسلحين الإسلاميين حتى صارت أنصار الشريعة، أى «داعش الليبية»، تسيطر على واحدة من كبرى المدن الليبية.
وقد أصدر مجلس شورى ثوار بنغازى، الذى يضم فى داخله 5 فصائل جهادية وإخوانية متشددة، بياناً يعكس طريقة تفكير هذه الجماعات ومراوغتها، أبرز ما فيه:
1- الحفاظ على الأمن والاستقرار فى المدينة وضواحيها، ودعا إلى إقامة الشريعة الإسلامية ونبذ النظم والقوانين العلمانية التى تفرض على المسلمين، دون أن يأخذ بعين الاعتبار أن كل سكان ليبيا مسلمون، وهناك إجماع على أن الشريعة الإسلامية هى المصدر الرئيسى للتشريع.
2- كما أعلن المجلس رفضه لأى اعتداء خارجى على المدينة بأى حجة كانت، منعاً لما قد تؤول إليه من الثارات العصبية والجاهلية بين القبائل والمدن، ونسى أن كثيراً من عناصره المسلحة قادمة من خارج مدينة بنغازى فى مفارقة اعتادت كثير من هذه الجماعات القيام بها بأن تتهم الآخرين بما هو فيها.
3- واختتم البيان بالقول إن المجلس ينأى بنفسه عن الصراعات السياسية القائمة فى البلاد، فى تزييف صارخ لما جرى على أرض الواقع، حيث شكلت هذه الجماعات طرفاً رئيسياً فى الصراع السياسى، بل ومسؤولة عن عمليات العنف والإرهاب التى تجرى فى داخل ليبيا وخارجها.
المؤكد أن سيطرة هذه الجماعات على بنغازى خطر على ليبيا أولاً وعلى مصر ثانياً، وأن الأخيرة مطالبة بأن تدعم قوى مدنية ودينية معتدلة مستعدة أن تساهم فى بناء الدولة الوطنية الليبية، دون أن تتورط فى عمليات عسكرية داخل ليبيا، فدعم الحلفاء ليس لكونهم حلفاء يحاربون خصوماً كما تفعل قطر بدعم كل الإرهابيين من أجل التخريب والهدم، إنما لأن لديهم مشروعاً لبناء ليبيا جديدة.
سقوط بنغازى خطر على مصر، ومواجهة جماعات الإرهاب فى ليبيا ستبدأ ببناء تحالف قوى داخل ليبيا لا يكتفى فقط بمواجهة هذه الجماعات، إنما يؤسس لدولة بها جيش وطنى وشرطة وقضاء ومؤسسات وإدارة، وليس فقط مجرد فصائل مسلحة تنتصر على جماعات إرهابية.