ذكرى رابعة

ذكرى رابعة

ذكرى رابعة

 العرب اليوم -

ذكرى رابعة

عمرو الشوبكي

مرت الذكرى الثانية لفض اعتصامى رابعة والنهضة كمناسبة إخوانية جديدة لتعميق خطاب الكراهية والانقسام داخل المجتمع المصرى، وتوظيف دماء بسطاء المصريين الذين سقطوا وبلغوا أكثر من 700 مواطن مصرى وما يقرب من 30 رجل أمن في عملية التشهير والصراع السياسى مع النظام القائم.

وتولد على أثر فض الاعتصامين جرح عميق قسّم المجتمع بين أغلبية واسعة تؤيد فضه ولا تبرر القتل أو تشمت في ضحاياه ممن لم يحملوا السلاح، على عكس ما يفعله كثير من أعضاء الجماعة حين يشمتون في أي ضحية- ولو فناناً- طالما عبّر عن اختلافه معهم، مثلما فعلوا مع الراحل الكبير نور الشريف، وليس فقط مع رجال الشرطة والجيش.

والمؤكد أن العدد الأكبر من ضحايا رابعة كانوا من المدنيين غير المسلحين، الذين أكدت معظم التقارير المصرية- وعلى رأسها تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان- أن غالبيتهم الساحقة كانوا من المتظاهرين السلميين، وأكدت أيضا وجود عناصر مسلحة قُدرت بحوالى 19 عنصراً، أطلقت الرصاص أولاً على رجال الأمن واستُشهد على أثرها نقيب شرطة، فخرجت الأمور عن السيطرة، وحدثت تجاوزات كثيرة صاحبت عملية الفض، وأدت إلى سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا.

إن تحميل طرف واحد، أي الدولة، مسؤولية سقوط هذا العدد الكبير من الضحايا- كما يردد الإخوان وحلفاؤهم ومعهم بعض المنظمات الحقوقية- أمر غير أمين، لأن الدولة وأجهزة الأمن تتحمل جانباً من هذه المسؤولية، ومعها، وبصورة أكبر، قيادات الجماعة التي رتبت دخول السلاح والعناصر المسلحة وسط بسطاء المصريين الذين جلبتهم من المحافظات وتاجرت بدمائهم.

والمؤكد أن عمق الخلاف السياسى في مصر، وممارسات الإخوان العنيفة، وتحريض قادتهم على الإرهاب والقتل يجب ألا يجعلنا تحت أي ظرف نتغاضى عن حقوق مئات الضحايا الذين سقطوا دون أن يحملوا السلاح، وألا نخلط بين الخلاف معهم ومع توجهاتهم وبين أن نتعامل مع دمائهم بهذا الحياد، لأنهم حملوا رؤية أخرى وشاركوا في اعتصام رفضته غالبية الشعب المصرى.

أن يُفَضَّ الاعتصام نعم، وأن تضطر الشرطة لفضه بالقوة في ظل وجود هذه العناصر المسلحة أمر وارد، إنما أن نُدخل تعويض أهالى الضحايا ومعرفة حقيقة ما جرى في مساوماتنا السياسية فهذا خطأ كبير.

ما حافظ على مصر أن انقسامها السياسى لم يتحول بعد إلى انقسام مجتمعى شامل أو إلى مواجهات أهلية، وإن فتح ملف ضحايا رابعة سيؤدى إلى الحفاظ على وحدة النسيج الاجتماعى المصرى بعد حالة الاستقطاب الشديد التي تعرض لها، والتى في حال تهديدها- لا قدر الله- فمن شأن ذلك أن يقضى على تماسك المجتمع ووحدته ومستقبل الأجيال القادمة.

نحن في حاجة لأن تعترف الدولة بأخطائها في حال ثبوتها، وتحاسب المسؤولين عنها دون أن تكون رد فعل لما يفعله الإخوان، فهى تعوض مواطنين مصريين حتى لو سقطوا في المكان الخطأ، ودفاعاً عن القضية الخطأ، فإن حقوقهم يجب أن تظل مصونة ولا تخضع لأى أهواء أو غرور سياسى.

المصالحة المجتمعية أهم بكثير من المصالحة السياسية، لأنها تعنى الناس والمجتمع، وستظل رابعة تمثل أحد جوانب الانقسام المجتمعى بعيداً عن توظيف الإخوان لها، وحين نفتح ملف تعويض الضحايا فلن يكون ذلك بسبب الإخوان أو لصالحهم، إنما لصالح الوطن، ولصالح بناء دولة القانون والعدل، وبناء حائط صد حقيقى يحول دون انجرار مزيد من الشباب نحو ممارسة العنف والإرهاب، بسبب دعاية خطاب المظلومية الإخوانى، ويدفع ثمنه الشعب كله، وفى الصف الأول رجال الشرطة والجيش.

arabstoday

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 03:20 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

جديد المنطقة... طي صفحة إضعاف السنّة في سورية ولبنان

GMT 03:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

دعوكم من التشويش

GMT 03:13 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

سوريّا ولبنان: طور خارجي معبّد وطور داخلي معاق

GMT 03:10 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الترمبية انطلقت وستظلُّ زمناً... فتصالحوا

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 03:03 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

زوبعة بين ليبيا وإيطاليا والمحكمة الدولية

GMT 03:01 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

ترمب وقناة بنما

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

ذكرى رابعة ذكرى رابعة



هيفا وهبي تعكس الابتكار في عالم الموضة عبر اختيارات الحقائب الصغيرة

القاهرة ـ العرب اليوم
 العرب اليوم - الدانتيل بين الأصالة والحداثة وكيفية تنسيقه في إطلالاتك

GMT 15:16 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

"يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة
 العرب اليوم - "يوتيوب" يطلق أدوات جديدة لتحسين الجودة

GMT 03:07 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الثنائي الشيعي في لبنان... ما له وما عليه!

GMT 05:59 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

نموذج ذكاء اصطناعي مبتكر لتشخيص أمراض الرئة بدقة عالية

GMT 03:23 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

الذكاء بلا مشاعر

GMT 10:55 2025 الأحد ,26 كانون الثاني / يناير

حكومة غزة تحذر المواطنين من الاقتراب من محور نتساريم

GMT 16:09 2025 السبت ,25 كانون الثاني / يناير

أصالة تكشف تفاصيل ألبومها الجديد باللهجة المصرية
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab