حافظوا على الوفد

حافظوا على الوفد

حافظوا على الوفد

 العرب اليوم -

حافظوا على الوفد

عمرو الشوبكي

لم يخطئ الكثيرون حين وصفوا حزب الوفد بأنه بيت الأمة، ولم يغب عن بال الكثيرين حين تحدثوا عن الأحزاب فى مصر أن يضعوا الوفد فى مكانة خاصة، فهو الحزب الأعرق والأقدم والأكبر فى تاريخ البلاد، وهو قلب الحركة الوطنية المصرية على مدار أكثر من 3 عقود، وهو ابن ثورة عظيمة فى تاريخ مصر الحديث (ثورة 19) غيّرت فى حياة هذا البلد ثقافيا وسياسيا، وفتحت الباب أمام بناء نظام شبه ليبرالى نجح فى أشياء وأخفق فى أشياء أخرى.

وظل الوفد فى ضمير المصريين قيمة وليس مجرد حزب، حتى لو تراجع دوره أو خفت تأثيره أو حتى ألغى وجوده، فالوفد تاريخيا هو الحزب الأكثر شعبية والأكثر اضطهادا من السلطة الملكية، فلم يحكم منذ ثورة 1919 حتى ثورة يوليو 1952 إلا حوالى 7 سنوات متقطعة، رغم أنه كان الحزب الأكثر شعبية، وكان يكتسح أى انتخابات نزيهة.

وظل هناك كثيرون غير وفديين قد لا يحبون الحزب، ولكنهم لا يكرهونه، وليس لديهم ثأر معه ولا مع تجربته، وهذه مسألة فى غاية الأهمية فى بناء صورة ذهنية إيجابية، أو على الأقل محايدة، لأى حزب سياسى فى الشارع، ويبقى الباقى على أعضائه فى تطوير دوره وأدائه.

وعاد الحزب مرة أخرى إلى الحياة السياسية عام 1980، ولم يحتمله الرئيس السادات إلا أشهراً معدودة وأصدر قانونا يحرم رموز مرحلة ما قبل ثورة يوليو من العمل السياسى، وعاد القضاء المصرى العريق ورفع العزل السياسى عنهم فى بداية الثمانينيات، وعاد حزب الوفد مرة ثالثة إلى الحياة السياسية.

وانتقل حزب الوفد، منذ العقد الماضى، من عصر الزعماء التاريخيين الكبار والمؤسسين الذين تمتلئ بهم جنبات الحزب العريق (سعد زغلول، ومصطفى النحاس، وفؤاد سراج الدين)، إلى عصر رؤساء الحزب المحددة مدة رئاستهم بمدتين فقط، بل إن رئيسه السابق محمود أباظة خسر موقعه كرئيس الحزب أمام د. السيد البدوى فى انتخابات نزيهة وديمقراطية لم تعرفها معظم الأحزاب المصرية. وقدم الوفد وقتها نموذجا محترما لقبول التنوع الداخلى، وظل محافظا عليه طوال الفترة الماضية، حيث عرف اتجاها غالبا مؤيدا لرئيس الحزب وآخر معارضا، تعايشا معا رغم حدة خلافهما أحيانا.

والحقيقة أن ما يجرى الآن داخل الوفد مقلق، خاصة حين تنتقل الخلافات إلى ساحة المحاكم، بكل تأثير ذلك على صورة الحزب فى الشارع، كما ذكر القيادى الوفدى حسام الخولى، وهو يعنى عجز الحزب عن قبول التنوع الداخلى وعدم احترام قيمة أن أى رئيس منتخب يجب تغييره بالوسائل القانونية والديمقراطية، لا بالاحتجاج والصوت العالى، خاصة أن رئيس الحزب الحالى ستنتهى مدته الأخيرة بعد 3 سنوات، فلم يعد هناك رئيس أبدى لمصر ولا لأى حزب سياسى.

أسماء المختلفين أسماء كبيرة ومحترمة، وقيادة الحزب وطنية ومخلصة، وسيبقى التحدى الكبير هو مواجهة خطاب الإقصاء والمنع والفصل والمحاكم بين المختلفين داخل حزب الوفد، فهذا أسوأ ثمن يمكن أن يدفعه حزب كبير مثل الوفد، ويجب على أطرافه المتنازعة أن تخرج قليلا من تفاصيل العراك اليومى والاتهامات المتبادلة وتنظر للصورة من خارجها: هل ما يجرى داخل الوفد بصرف النظر عن المنتصر فى صالح الحزب؟ وهل ما نقوله عن استهانة الدولة بالأحزاب يرجع كله إلى موقف الأولى، أم إلى أخطاء الأحزاب، أم إلى الاثنين معا؟

الحفاظ على الوفد بتنوعاته هو أحد شروط بناء نظام سياسى ديمقراطى فى مصر.

arabstoday

GMT 03:52 2024 السبت ,25 أيار / مايو

مفكرة القرية: السند

GMT 03:50 2024 السبت ,25 أيار / مايو

جلطات التاريخ

GMT 03:48 2024 السبت ,25 أيار / مايو

الإصغاء إلى «رواة التاريخ»

GMT 03:46 2024 السبت ,25 أيار / مايو

صولة الأسد بحديث المتنبي عن الحسد

GMT 03:44 2024 السبت ,25 أيار / مايو

القضية الفلسطينية في لحظة نوعية

GMT 03:42 2024 السبت ,25 أيار / مايو

الدولة الفلسطينية ودلالات الاعترافات

GMT 03:39 2024 السبت ,25 أيار / مايو

«الجنايات»: الحقائق غير التمنيات!

GMT 03:38 2024 السبت ,25 أيار / مايو

ذكريات العزبى!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

حافظوا على الوفد حافظوا على الوفد



GMT 17:55 2024 السبت ,25 أيار / مايو

وفاء عامر تلجأ للعلاج النفسي بعد "حق عرب"
 العرب اليوم - وفاء عامر تلجأ للعلاج النفسي بعد "حق عرب"

GMT 05:23 2024 الجمعة ,24 أيار / مايو

عائشة بن أحمد تعلن اعتزالها التمثيل مؤقتًا
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab