الباعة الجائلون

الباعة الجائلون

الباعة الجائلون

 العرب اليوم -

الباعة الجائلون

عمرو الشوبكي

مشكلة الباعة الجائلين هى جانب من مشكلات مصر المزمنة ليس فقط بسبب انتشارها، إنما أيضا بسبب الطريقة التى يتم التعامل بها مع هذه المشكلة، فحين يتصور البعض أن قضية إشغالات الطرق والباعة الجائلين يمكن حلها بإلقاء القبض عليهم أو نقل الإشغالات من الطرق إلى الرصيف أو زحزحتها بضعة أمتار من مكانها الأصلى حتى يتجمل شكل الشارع ولا يتغير، يكون مخطئا تماما.
رحلة الباعة الجائلين فى مصر هى جزء من مأساة هذا البلد مع الفقر والعوز والعشوائية وسوء الإدارة، فانتشار الإشغالات المخالفة وسيطرة الباعة الجائلين على وسط القاهرة والمنطقة التجارية فى مواجهة المحال المرخصة التى تدفع ضرائب للدولة وتشغل عمالا وتؤمن عليهم فى مقابل فراشات الباعة الجائلين التى تسحب الكهرباء بشكل غير قانونى، وتقف أمام كل محل تخطف زبائنه، وتواجه كل من يحاول أن يخرجهم من هذه الأماكن.
الطبيعى ألا يكون فى مصر الجديدة هذا المشهد الذى بدأ فى نهاية عهد مبارك وانتشر فى السنوات الأخيرة بأن يكون هناك باعة غير قانونيين يأخذون أرزاق المحال القانونية، ولكن السؤال: هل هؤلاء الباعة هبطوا من كوكب آخر أو أنهم قوة احتلال أو غزو خارجى، أم هم مواطنون مصريون اضطرتهم ظروفهم المعيشية إلى مثل هذا الاختيار؟
الإجابة هى بالتأكيد الثانية، فهؤلاء نتاج سياسات خاطئة لن تحلها الحملات الأمنية على أماكن تجمعهم، واعتبار ذلك انتصاراً للدولة وعودة لهيبتها حتى بدت كأنها نوع من الفتوحات الحربية التى لن تحل بأى صورة جوهر المشكلة.
إن علاقة الباعة الجائلين بأصحاب المحال المقننة تشبه مشكلات المسار السياسى الذى توجد به أطراف شرعية تؤمن بقواعده المنظمة من دستور وقوانين، وهؤلاء يمكن تشبيههم بأصحاب المحال الشرعية المتضررين من الباعة الجائلين وبعض القوانين التى تنظم عملهم، أما القوى التى تعمل خارج المسار السياسى وترفضه وتحتج عليه فيمكن تشبيهها مجازاً بظاهرة الإشغالات غير القانونية التى ملأت المدن المصرية.
ولإقناع القوى غير القانونية والاحتجاجية أو معظمها بضرورة الدخول فى المسار السياسى، فلابد أن تكون هناك مبررات وربما مغريات من عائد السير فى المسار القانونى الشرعى، وليس كما جرى أصلا مع قانون الانتخابات البرلمانية الذى مثل أحد عناصر تشجيع القوى الاحتجاجية على رفض المسار السياسى القانونى.
والحقيقة أن حل موضوع الباعة الجائلين لن يكون بالمطاردات الأمنية، إنما بحثهم على الدخول فى المنظومة القانونية والشرعية بتقديم أماكن بديلة وضمان اجتماعى وفرص حقيقية لكسب الرزق دون أى تهديدات.
معركة الباعة الجائلين هى معركة أى نظام سياسى جديد من أجل بسط شرعيته القانونية على الجميع ونجاحه، ليس فى مطاردتهم أمنياً، إنما فى توفير سبل العيش الكريم لهم من خلال مظلة الشرعية القانونية.
الخطوة الأولى هى أن يجتمع رئيس الوزراء مع المحافظين لاختيار أماكن محددة لهؤلاء الباعة، وبعدها ستصبح مواجهة المخالفين أمنياً وقانونياً مشروعة ومبررة تماماً مثل السياسة حين يحرص النظام الجديد على دمج الجميع تحت مظلة الشرعية بقوانين ليست سيئة السمعة ومعبرة عن الواقع المعاش، عندها سيصبح هناك مائة مبرر قانونى وسياسى لمواجهة القلة النادرة التى ستخرج عن الشرعية.

arabstoday

GMT 07:02 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

ترتيبات استقبال الإمبراطور العائد

GMT 06:59 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

هل مسلحو سوريا سلفيون؟

GMT 06:58 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أزمة الغرب الخانقة تحيي استثماراته في الشرق الأوسط!

GMT 06:58 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

القرضاوي... خطر العبور في الزحام!

GMT 06:56 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

مخاطر الهزل في توقيت لبناني مصيري

GMT 06:55 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

لعنة الملكة كليوباترا

GMT 06:54 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

الحرب على غزة وخطة اليوم التالي

GMT 06:53 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

نحن نريد «سايكس ــ بيكو»

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الباعة الجائلون الباعة الجائلون



الأسود يُهيمن على إطلالات ياسمين صبري في 2024

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 15:26 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025
 العرب اليوم - أحمد مكي يخلع عباءة الكوميديا في رمضان 2025

GMT 04:11 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

أدوية حرقة المعدة تزيد من خطر الإصابة بالخرف

GMT 16:20 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

ضربات أمريكية لمنشآت بمحافظة عمران اليمنية

GMT 15:00 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الأهلى القطرى يعلن تجديد عقد الألمانى دراكسلر حتى 2028

GMT 14:49 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

الاحتلال يقتحم عدة بلدات في القدس المحتلة

GMT 02:00 2025 الخميس ,09 كانون الثاني / يناير

حرائق ضخمة في لوس أنجلوس تجبر الآلاف على إخلاء منازلهم

GMT 14:26 2025 الأربعاء ,08 كانون الثاني / يناير

"الخارجية الفلسطينية" تدين جريمة الاحتلال فى جنوب شرق طوباس
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab