الاختفاء القسري

الاختفاء القسري

الاختفاء القسري

 العرب اليوم -

الاختفاء القسري

عمرو الشوبكي


هيبة الدولة واحترامها مطلب شعبى حقيقى ومعيار لتقدم أى أمة، وهو يرجع لاحترام الدولة للقانون والدستور والمحاسبة، ولا توجد دولة نالت ثقة واحترام شعبها بالقهر والظلم وثقافة الخوف.
والدولة فى مصر عريقة ولها تقاليد ميّزتها عن كثيرٍ من جيرانها العرب، ومع ذلك لم يخلُ الأمر من مثالب وأخطاء ارتكبتها على مدار تاريخها الممتد من محمد على وحتى الآن، خاصة بعد التدهور والتجريف الذى أصاب أداءها عقب 30 عاما من حكم مبارك.

والمؤكد أن تجارب انهيار الدولة التى شهدتها بلاد عربية وإسلامية كثيرة لم تكن كلها بسبب مؤامرات الخارج وغزواته فقط، إنما أيضا بسبب أخطاء النظم فى الداخل والتى فتحت الباب أمام نجاح كثير من المخططات الخارجية.

والحقيقة أن كثيراً من الظواهر التى لم تعرفها مصر منذ تأسيس دولتها الوطنية فى 1805، مثل ظاهرة الاختفاء القسرى، باتت تصدم الكثيرين، وباتت تهدد هيبة الدولة وثقة الناس فيها.

تقرير المجلس القومى لحقوق الإنسان وليس أى منظمة أجنبية يقول إن هناك 163 اسمًا لمختفين منذ شهر إبريل الماضى على مستوى 22 محافظة، منهم 66 حالة اختفاء قسرى مستمر وفقاً للمعايير الدولية، و31 حالة اختفاءً قسرى لم يتمكن المجلس من متابعتها، بالإضافة إلى 64 حالة احتجاز دون وجه حق، 60 حالة بالقاهرة، 31 بكفر الشيخ، و16 بالجيزة، و13 بالدقهلية.

ولعل الصخب الإعلامى الذى صاحب اختفاء المصورة إسراء الطويل على مدار الأسابيع الماضية وانتهى الأمر بعرضها على النيابة نهاية الأسبوع الماضى أثار تساؤلات عن أسباب هذا الاختفاء غير المبرر.

والحقيقة لا يوجد مبرر أمنى ولا سياسى (طبعا ولا أخلاقى) يبرر عمليات إلقاء القبض على أشخاص دون إخبار أهلهم وذويهم بأسباب ومكان الاعتقال، وضرورة تمتعهم بالحصانة القانونية المطلوبة لضمان محاكمتهم محاكمة عادلة.

مصر لم تعرف طوال تاريخها الحديث هذا العدد من المختفين.. نعم، حدثت حالات فردية من الاختفاء القسرى، ولكن أن نسمع عن أن العدد وصل إلى 163 فهذه كارثة مكتملة الأركان، وتدل على أن هناك من يرى أن قوة الدولة فى بطشها وليس فى إيمان الناس بها وحرصهم عليها.

الدولة المصرية لم تسقط لأنها ظلت منذ تأسيسها تتمتع بقدر من التقاليد والقواعد التى تنظم أداءها، فالدولة ليست النظام، كما هو الحال فى سوريا والعراق وكثير من الدول العربية، ومؤسساتها احتفظت باستقلال نسبى عن النظام القائم دون أن تصل إلى درجة الحياد الكامل بين من فى الحكم ومعارضيه.

والمقلق أن جزءا كبيرا من هذه التقاليد نفقده الآن، فهناك نوعية من الحوادث تقول وكأن هناك أطرافا داخل الدولة لا ترى أنه يجب أن تخضع لأى محاسبة، وتنسى أو تتناسى أن ممارسات من نوعية الاختفاء القسرى تقضى على ما بناه الشعب المصرى على مدار قرون، فالدولة فى مصر لم تكن ديمقراطية، ولكنها لم تغتل معارضيها فى الشوارع كما فعلت دول أخرى، ولم تخطفهم ولو ليوم واحد دون أن تعلن أماكن احتجازهم، ولم تسجل لنخبتها المؤيدة والمعارضة لتذيع أحاديثهم على الهواء، وهم الذين استأمنوا دولتهم ووثقوا فيها، ولم يعتبروها دولة القذافى ولا بشار، فتحدثوا فى كل شىء دون حسابات تذكر.

دولة القانون هى التى تقدم أدلتها للنيابة للتحقيق مع المتآمرين، وهى التى لا تسمح باختفاء أى مواطن، ولو لساعة، ولا تنتظر تعليقات الخارج لتفصح عن أماكنهم.

دولتنا الوطنية ونظامنا الجمهورى ودستورنا المدنى مهددون نتيجة أخطاء الداخل وليس فقط مؤامرات الخارج.

 

arabstoday

GMT 20:01 2024 السبت ,18 أيار / مايو

القمة والأمل الذي لا شِفاءَ منه!

GMT 19:55 2024 السبت ,18 أيار / مايو

تقدم مصر؟!

GMT 19:30 2024 السبت ,18 أيار / مايو

السودان وذاكرة العالم

GMT 18:17 2024 السبت ,18 أيار / مايو

قارون و«القرننة»

GMT 18:13 2024 السبت ,18 أيار / مايو

صالحوا أولادنا على اللغة العربية؟

GMT 18:05 2024 السبت ,18 أيار / مايو

«لا إكراه في الدين»

GMT 17:47 2024 السبت ,18 أيار / مايو

هل نفد الصبر المصرى من إسرائيل؟

GMT 17:45 2024 السبت ,18 أيار / مايو

VAR دقة أكثر مقابل روح اللعبة!

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

الاختفاء القسري الاختفاء القسري



اختيارات النجمات العرب لأجمل التصاميم من نيكولا جبران

بيروت ـ العرب اليوم

GMT 11:26 2024 السبت ,18 أيار / مايو

استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ
 العرب اليوم - استلهمي ألوان واجهة منزلك من مدينة كانّ

GMT 16:34 2024 الجمعة ,17 أيار / مايو

وفاة أحمد نوير مراسل قنوات بين سبورت
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab