إرهاب عابر للقارات 2 2

إرهاب عابر للقارات (2- 2)

إرهاب عابر للقارات (2- 2)

 العرب اليوم -

إرهاب عابر للقارات 2 2

عمرو الشوبكي

دلالات العمليات الإرهابية الثلاث العابرة للقارات التى شهدتها كل من تونس والكويت وفرنسا تكمن فى التحول الذى أصاب الجماعات الإرهابية الجديدة من حيث سطحية تكوينها العقائدى مقارنة بالعناصر الجهادية التى عرفها العالم العربى فى السبعينيات والثمانينيات من القرن الماضى.

الإرهابيون الجدد ليسوا مثل الإرهابيين القدامى، فعلاقتهم بداعش والقاعدة هى علاقة بأمثولة أو رسالة على شبكات التواصل الاجتماعى، ولا يتم تجنيدهم عبر بنية تنظيمية، وهم يعرفون من الدين قشوره وأغلبهم لم يثقف نسفه فقهيا حتى لو فى الاتجاه الخاطئ، إنما استسهل الأحكام المبسطة القطعية عن دار كفر ودار ردة ودار إسلام ودار دعوة وغيرها من مفردات شبكات الجماعات التكفيرية الجديدة.

ويبدو من حادث ليون وسوسة الإرهابيين مؤشر على صعود هذا النمط الجديد من الإرهابيين، ففى تونس الشاب الذى نفذ العملية الإرهابية ويدعى سيف الدين الرزقى من مواليد 1992 ويقيم بمنطقة قصر السعيد بالعاصمة التونسية. تخرّج فى جامعة القيروان وتخصص فى الإلكترونيات، ولم يعرف عنه أى ارتباط بمجموعات إرهابية من قبل ولا حتى ميول دينية متزمتة.

أما فرنسا فإن الرجل الذى قام بالعملية الإرهابية (ياسين صالح 35 عاما) يذكرنا تماما بالأخوين شريف (32 عاما) وسعيد (34 عاما) كواشى اللذين نفذا عملية شارل إبدو الإرهابية فى باريس بداية هذا العام، وهم جميعا لم ينتموا إلى تنظيم دينى من قبل وهم خليط من ثقافة شباب الضواحى الفرنسية الفقراء والمهمشين، وقرروا مواجهة عنصرية بعض الفرنسيين بعنصرية مقابلة (إرهابية) تستحل سرقتهم والاعتداء عليهم على طريقة «الأغيار» و«الجهاد» ضدهم دون قراءة كتاب واحد عن الجهاد وشروطه.

والحقيقة أن من يقرأ سيرة سلسلة من العناصر المسلمة التى ولدت وعاشت فى الغرب وانضمت إلى التنظيمات التكفيرية مثل الأخوين كواشى فى فرنسا، والبريطانى «عمر الخيام»، و«حيد محمود»، «جواد أكبر»، «صلاح الدين أمين»، وحكم عليهم بالسجن مدى الحياة بعد ثبوت ضلوعهم فى تفجيرات لندن فى يوليو 2005، وراح ضحيتها 56 شخصا، يجد أن جميعهم لم يكن لهم ماض جهادى.

الغالبية العظمى من متطوعى داعش القادمين من دول غربية ليست لديهم دراية بالتفسيرات الفقهية الجهادية، وتحولوا فجأة إلى جهاديين وتكفيريين عن طريق شبكات التواصل الاجتماعى التى استغلت شعورهم بالتهميش ومعاناتهم من العنصرية وسقطوا بكل سلاسة أسرى الخطاب التفكيرى فى طبعته الانتقامية الجديدة.

مشهد الإرهاب الجديد الذى نراه فى حده الأقصى فى العراق وسوريا، وفى حدوده الدنيا فى كثير من دول العالم، مثل تونس والكويت ومصر وغيرها، لا يحمل فيه عضو داعش أو أنصار بيت المقدس أى تكوين عقائدى عميق وتفسيرات فقهية تبرر قيامة بعملية انتحارية أو بحمل سلاح على عكس ما جرى مع تنظيمات مثل الجهاد أو الجماعة الإسلامية فى مصر القرن الماضى، حيث احتاجت سنوات طويلة حتى تعد مجموعة من أعضائها على حمل السلاح، لا حمل حزام ناسف وقتل النفس والأبرياء.

التكوين العقائدى (ولو المنحرف) كان حاسما فى انتماء أى عضو لهذه التنظيمات الجهادية المحلية، فى حين أن الشعور بالتهميش والغبن الاجتماعى أو الطائفى، بالإضافة للتسطيح الدينى والعقائدى هى عوامل جديدة شكلت انتماء الإرهابيين الجدد، أى أفراد بلا بناء عقائدى محبطون ومهمشون اجتماعيا خارج الفكر الجهادى ولو بمعناه المنحرف وغير معروفين لأجهزة الأمن وقادرون على إيلام الجميع بجرائمهم البشعة.

رحم الله شهداء الإرهاب فى تونس والكويت وفرنسا.

arabstoday

GMT 00:58 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

عبودية لطيفة

GMT 00:54 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

تحديات القمة العربية في البحرين

GMT 00:51 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

أهكَذا «البدرُ» تُخفِي نورَهُ الحُفَرُ؟!

GMT 00:49 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

عن «الرجل الأبيض»!

GMT 00:41 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

شاهد على مصر والقضية الفلسطينية (٨)

GMT 00:34 2024 الأحد ,05 أيار / مايو

حافظوا على المقابر

الإسم *

البريد الألكتروني *

عنوان التعليق *

تعليق *

: Characters Left

إلزامي *

شروط الاستخدام

شروط النشر: عدم الإساءة للكاتب أو للأشخاص أو للمقدسات أو مهاجمة الأديان أو الذات الالهية. والابتعاد عن التحريض الطائفي والعنصري والشتائم.

اُوافق على شروط الأستخدام

Security Code*

 

إرهاب عابر للقارات 2 2 إرهاب عابر للقارات 2 2



الملكة رانيا تتألق بإطلالة جذّابة تجمع بين الكلاسيكية والعصرية

القاهرة ـ العرب اليوم

GMT 18:35 2024 الجمعة ,03 أيار / مايو

وفد من حماس يصل القاهرة السبت لبحث هدنة غزة
 
syria-24

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Maintained and developed by Arabs Today Group SAL
جميع الحقوق محفوظة لمجموعة العرب اليوم الاعلامية 2023 ©

Arabstoday Arabstoday Arabstoday Arabstoday
arabstoday arabstoday arabstoday
arabstoday
بناية النخيل - رأس النبع _ خلف السفارة الفرنسية _بيروت - لبنان
arabs, Arab, Arab